الزجر والوعيد للإنسان أن يحب قيام الناس له، وليس فيه تعرض للقيام بنهي ولا غيره وهذا متفق عليه، فمن أحب ذلك فقد ارتكب التحريم، وسواء قيم له أو لم يقم، فَإن قِيلَ: إن القيام سببٌ لوقوع هذا في المنهي عنه، قِيلَ: الوقوع في المنهي عنه يتعلق بالمحبة فحَسب. انتهى.
وأجاب صاحب المدخل عن هذا بأن معاوية الذي نقل الحديث نهى عن ذلك على العموم حين قام إليه ابن الزبير وعبد الله بن صفوان، فقال: اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من سره أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار، وذلك الذي فهم، فينبغي أتباعه في فهمه وفقهه، ورواة الحديث بوبوا عليه باب كراهة القيام للرجل فصرحوا بالكراهة وذكروا الحديث، ووجهه أن الرجل إذا علم أنه لا يقام له لم تتشوف نفسه لذلك، وقد قيل من العصمة أن لا تجد، فإذا أحب ولم يجد سبيلا إلى ما أحب فقد عصم، ثم قال: وبالجملة فالإعانة حاصلة وهي على المعصية معصية. انتهى.
وتطيين قبر؛ يعني أنه يكره تطيين القبر بأن يلبس بالطين، قال الشيخ: أكثر عباراتهم تطيينه من فوق، ونقلُ ابن عاشر عن شيخه يشمل تطيينه ظاهراً وباطنا، وعلة الكراهة ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم:(إذا طين القبر لم يسمع صاحبه الأذان ولا الدعاء ولا يعلم من يزوره). انتهى. وكره مالك الترصيص عليه بالحجارة، وقال: لا خير فيه. وتبييضه؛ يعني أنه يكره تبييض القبر بالجير؛ وهو معنى التجصيص، يقال: جصص القبر إذا طلاه بالجير.
وبناء عليه؛ يعني أنه يكره البناء على القبور؛ أي يكره أن يبنى عليه بيت أو سقف أو قبة، وكذا حواليه لما فيه من التضييق على الناس. أو تحويز؛ يعني أنه يكره التحويز على القبر؛ بأن يبنى حوله حيطان تحدق به بأرض ملكه أو ملك غيره بإذنه أو بموات ولو كان البناء المذكور كثيرا بالأراضي الثلاثة المذكورة، كقبة أو مدرسة وبنيت بغير قصدِ مباهاةٍ، فلا يهدم كما أفتى به ابن رشد، وكذا ظاهر ما للمازري وصاحب المدخل، وقال ابن القصار: يجوز بناء البيوت على القبور في الأرض غير المحبسة في المواضع المباحة، وفي ملك الإنسان. وظاهر اللخمي المنع، ومحل كراهة ما ذكر ما لم يرفع بحيث يأوي إليه أهل الفساد، وإلا حرم كالأرض المحبسة.