للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤدي إلى امتهانه، وما بني في مقابر المسلمين ووقف فإن وقفه باطل وأنقاضه باقية على ملك ربها إن كان حيًّا أو كان له وارث، ويؤمر بنقلها عن مقابر المسلمين، وإن لم يكن له وارث استأجر القاضي على نقلها منها: ثم يصرف الباقي في مصارف بيت المال. قاله ابن رشد. وفي المدخل: ليس له أن يحفر قبرا ليدفن فيه إذا مات؛ لأنه تحجير على غيره، ومن سبق كان أولى بالموضع منه، ويجوز له ذلك في ملكه لأنه لا غصب. وفيه تذكرة لمن حفر له. انتهى.

وإذا رفع البناء بحيث يأوي إليه أهل الفساد حرم كما مر، ومن أهل الفساد النباشون، وإذا حرم ذلك لم تنفذ الوصيَّة به، قاله ابن عبد الحكم، فيمن أوصى أن يبنى على قبره بيت. ابن بشير: ظاهر هذا التحريم ولو كان مكروهاً لنفذت وصيّته؛ أي كما تنفذ وصيّته بضرب خباء على قبره، وضربه على قبر المرأة أجوز منه على قبر الرجل، وقد ضربه عمر على قبر زينب بنت جحش، وأما ضربه على قبر الرجل فأجيز وكره خوف الرياء والسمعة، وممن كرهه أبو هريرة وأبو سعيد وابن المسيب، وضربه محمد بن الحنفية على قبر ابن عباس رضي الله عنهما، وأقام عليه ثلاثة أيام. ابن حبيب: لا بأس بالبقاء عليه اليوم واليومين، ويبات فيه إذا خيف من نبش أو غيره. ابن عتاب: وتنفذ الوصيَّة به كوصية القراءة على القبور وإجارة الحج. انتهى. قاله الخرشي. وقال الشيخ الأمير عاطفا على المكروه ونقشه: ويشتد النهي في القرآن وقد وقع التردد قديماً في الوصيَّة بوضعه في القبر، هل تبطل أو يرفع عن القذر. انتهى. وقوله: ونقشه؛ أي القبر، وعبارته حسنة فيفيد كراهة النقش للقبر كان النقش في حجر أو خشبة أو غيرهما وفي كتابه: وتحويز كثر وإلا جاز للتمييز، وفيه أن التحويز الكثير بالموقوفة حرام، وفي حاشية الشيخ محمد بن الحسن: أن التحويز اليسير بالموقوفة جائز ودعَّمه بالنقل، وفي شرح الشيخ عبد الباقي: ووجب هدم ما حرم كقرافة مصر المحبسة لدفن أموات المسلمين، وفي كتاب الشيخ الأمير عن شيخه: ترب مصر كالملك فيجوز إعداد القبر بها، وفي منن الشعراني: أن السيوطي أفتى بعدم هدم شاهد الصالحين بالقرافة، قياساً على (أمره صلى الله عليه وسلم بسد كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر (١)) وهو فسحة لكن سياقه بعد الوقوع والنزول.


(١) البخارى، كتاب الصلاة، الحديث: ٤٦٧. ولفظه: سدوا عنى كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر.