للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحطاب بعد جلبه للنقل: فتحصل من هذا أن البناء حول القبر إما أن يكون في أرض مملوكة للباني، أو مملوكة لغيره، أو في أرض مباحة، أو في أرض موقوفة للدفن مصرح بوقفيتها، أو في أرض مرصدة لدفن موتى المسلمين مسبلة لهم، فإن كان في أرض مملوكة للباني فلا يخلو البناء إما أن يكون يسيراً للتمييز كالحائط الصغير الذي يميز به الإنسان قبر أوليائه، أو يكون كثيرًا كبيت أو قبة أو مدرسة، والكثير إما أن يقصد به المباهاة أو لا؟ فإن كان البناء يسيراً للتمييز فهو جائز باتفاق، وإن كان كثيرا وقصد به المباهاة فهو حرام ولا أعلم فيه خلافًا، وإن لم يقصد به المباهاة، فقال ابن القصار: هو جائز وظاهر كلام اللخمي أنه ممنوع، وظاهر كلام المازري وصاحب المدخل أنه مكروه؛ وهو الذي يقتضيه كلام ابن رشد حيث أفتى بأنه لا يهدم، وأما الأرض المملوكة لغير الباني فحكمها كالأرض المملوكة إذا أذن ربها، وكذلك حكم الأرض المباحة إذا لم يضر ذلك البناء بأحد. وأما الأرض الموقوفة فإن كان جدارا صغيراً للتمييز جاز والحد فيه ما يمكن دخوله من كل ناحية، وظاهر كلام المصنف والفاكهاني أنه لا يجوز، وأما البناء الكثير كالبيت والمدرسة والحائط الكبير فلا يجوز باتفاق؛ والمرصدة للدفن كالموقوفة. انتهى. وبقي عليه من المكروهات لهو من حضر وضحكه، انظر القباب.

وَلما قدم الكلام على غسل الميت والصلاة عليه -وكانا متلازمين كما ذكر وكانا مطلوبين لكل مسلم تقدم له استقرار حياة غير شهيد معترك ولا فقد أكثره- شرع في الكلام على أضداد تلك الأوصاف استغناء بذكر أضدادها عنها، وبنفي أحد المتلازمين وهو الغسل عن نفي الآخر وهو الصلاة، وأطلق النفي من غير بيان لعين الحكم، وها أنا أبينه إن شاء الله، فقال: ولا يغسل شهيد معترك؛ يعني أن الشهيد الذي مات بالمعترك لا يغسل تحريما ولا يصلى عليه، والمراد بالشهيد الذي لا يغسل هنا: المسلم الذي مات بالمعترك وهو موضع القتال بين المسلمين والكفار، وصرح بحرمة تغسيله ابن رشد في المقدمات، فقول الشيخ عبد الباقي: أي يحرم، فيما يظهر قصور. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وقوله: "ولا يغسل"؛ أي ولا يصلى عليه كما علمت. وقاله في المدونة.