للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحوه للخرشي وزاد: قاله ابن القاسم؛ لأن ما هو لله لا بأس أن يستعان ببعضه في بعض مما نفعه أكثر. انتهى.

وفي الحديث: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١) وفيه: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (٢))، وهذا النهي إنما هو مخافة أن تعبد، كما اتفق لمن سلف قبل هذه الأزمنة، فلا حرج إلا من ناحية نبش القبور خاصة كما في المعيار، وقد أباحوا بناءها على الداثرة دون الجديدة؛ لأنه يخاف في الجديدة نبش العظام، وذلك لا يجوز. انظر الرهوني.

قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: علم من هذا أن النهي في الجديدة إنما هو فيمن بنى على القبر، لا إن كان المسجد بناحية خارجة عن القبر، فمعاذ الله أن يقول أحد بكراهة ذلك أو حرمته؛ لأن مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم مجاور لقبره الشريف وقبري الشيخين، وقد علمت أيضًا أن اتخاذ المسجد على القبر دون حفر يصل إلى موضع العظام جائز ولو جديداً، كما نقله الرهوني عن المعيار. وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: "والقبر حبس"؛ يعني بمجرد وضع الميت فيه فلا يباع ولا ينتفع به، ولو نقل منه الميت أو بلي، فقوله: "حبس"؛ أي حبس على الدفن والميت، فلا ينبش ما دام به، وإن نبش أو نقل منه فلا يستعمل إلا في الدفن، وعبارة الشيخ الأمير: والقبر حبس على الدفن، فإن نقل منه أو بلي لم يتصرف فيه بغير الدفن. انتهى. وقوله: "حبس"؛ يعني في غير قبر السقط، وأما قبر السقط فليس حبسا لكن يكره الانتفاع به. قاله ابن عرفة. وعبارة الشبراخيتي: والقبر حبس على من دفن به. انتهى. وفي الحطاب عن المدخل: اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن به المسلم وقف عليه ما دام منه شيء موجود فيه حتى يفنى، فإذا فني فحينئذ يدفن فيه غيره، فإن بقي شيء مَّا من عظامه فالحرمة قائمة لجميعه، ولا يجوز أن يحفر عليه، ولا يدفن معه غيره، ولا يكشف عنه اتفاقاً، إلا أن يكون موضع قبره قد غصب. انتهى.


(١) البخاري، كتاب الصلاة، الحديث: ٤٣٥. ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، الحديث: ٥٣١.
(٢) الموطأ، كتاب قصر الصلاة في السفر، الحديث: ٤١٦.