للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضعيف، كما كتبه الوالد بطرة الشارح. وقال الإمام: موضع القبر لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به. انتهى.

واعلم أن الإنسان كله يفنى إلا عجب الذنب، وفي بقائه دون سائر الجسد سر لا يعلمه إلا الله عز وجل.

وقد مر أنه يجوز للشخص أن يعد الكفن قبل موته، وأن يحفر قبرا بملكه، وإن احتاج إليه انتفع به، وما تقدم من تفسير "دام": بظن، هو لعبد الباقي كما عرفت. وقال الأمير عند قوله: "ما دام"، ويكفي في ذلك غلبة الظن، ونحوه للخرشي. قال: وهذا يختلف باختلاف الأراضي. وسئل ابن رشد عمن دفن أربعة أولاد في مقبرة من مقابر المسلمين، فلما كان بعد عشرة أعوام من دفنه إياهم غاب الرجل عن البلد، فجاء الحفار فحفر على قبور أولئك الأطفال قبرا لامرأة دفنها فيه، ثم جاء الوالد من سفره بعد دفن المرأة بثلاثين يوما ولم يجد لقبور بنيه أثرا غير قبر المرأة، فأراد نبشها وتحويلها إلى موضع آخر ليقيم قبور بنيه على ما كانت؟ فأجاب: لا يجوز أن ينبشها، ولا أن ينقلها عن موضعها، ولا يحل له ذلك؛ لأن حرمتها ميتة كحرمتها حية، فلا يحل له أن يكشفها ويطلع عليها وينظر إليها ولو كان ذا محرم منها لَمَا ساغ له ذلك بعد هذه المدة؛ إذ لا يشك في تغيرها فيها. وبالله التوفيق. قاله الإمام الحطاب.

إلا أن يشح رب كفن غُصِبَه، بالبناء للمجهول والنائب ضمير يعود على الكفن، والضمير البارز عائد على رب الكفن؛ يعني أن القبر لا يجوز نبشه ما دام به الميت إلا أن يكون الميت مكفنا بكفن مغصوب غصبه الميت أو غيره. وشح رب الكفن؛ أي ضن بأن يترك الكفن للميت، فإنه حينئذ ينبش إن كانت لربه بينة عليه أو صدقه أولياء الميت، ولم يطل ولم يروح، وأما إذا طال بحيث يعلم فساد الكفن، أوأروح أي أنتن فلا ينبش، وليس لرب الكفن إلا قيمته لأنه حينئذ تبيّن أنه ما قصد إلا الضرر. وقوله: "غصبه"، وأما لو غصب ثمنه أو مطله بثمنه فلا يسوغ له ذلك.

وتحصل مما تقدم أنه لا يجوز أن يحفر عن الميت، ولا أن يدفن معه غيره، ولا أن يكشف عنه ما دام شيء منه في القبر غير عجب الذنب، وأنَّه إن فني كله غير عجب الذنب جاز أن ينبش للدفن فقط. أو قبر، عطف على"كفن"، وقوله: بملكه، صفة لقبر؛ يعني أنه يجوز نبش القبر