للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما إذا حفر لإنسان قبر بمكان يملكه الغير بغير إذن ذلك الغير، وشح رب المكان؛ أي لم يترك القبر للميت، فينبش ليخرج منه الميت. ابن بشير: إلا أن يطول، فقال ابن أبي زيد: له الانتفاع بظاهر أرضه. انتهى. أي ولا يخرج. ونقل في التوضيح عدم إخراجه مع الطول عن ابن هارون؛ وهو خلاف ما لابن رشد من إخراجه وإن طال. وأشار ابن عرفة لذلك بقوله: ومن دفن في ملك غيره بغير إذنه، ففي إخراج المالك له مطلقا، أو إن كان بالفور نقلا ابن بشير واللخمي. الشيخ: إن طال فله الانتفاع بظاهر أرضه. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

أو نسي معه مال، هو أيضا مما استثني من النبش، فهو عطف على "يشح"؛ يعني أنه يجوز نبش القبر أيضا فيما إذا نسي مع الميت مال، كثوب سجي به الميت أو خاتم أو دنانير أو غير ذلك، فينبش إن كان للغير نفيسا أم لا، كثيرا أم لا، أو للميت، وشح الورثة؛ وهو نفيس أو كثير ولم يطل ولم يروح فيهما، وإلا بدئ بقيمته على الوارث وأعطيت للغير، ولا ينبش في يسير وغير نفيس له، ولو شح الوارث. قاله عبد الباقي.

ومن وافق قبرا عند حفره فليرد عليه ترابه ولا يزاد من قبر على قبر، وليتوق كسر شيء من عظامه. وقوله: "أو نسي معه مال"، محله إذا ثبت بالبينة أو بإقرار أهل الميت، وأسقط الغيرة بن شعبة خاتمه في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ثلاثة دراهم، ونزل له في القبر الشريف، فكان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار يفتخر بذلك. قاله الشيخ إبراهيم. وفي المواق خلاف ما تقدم عن الشبراخيتي، فإنه قال في قوله: "أو نسي معه مال": أن له أن يستخرجه بمجرد دعواه من غير توقف على بينة أو تصديق، بخلاف الكفن المغصوب. فانظر الفرق بينهما. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

حكاية: وقع للولي الصالح أبي محمد سيدي عبد العزيز القروي بتقديم الراء على الواو -وكان معاصرا لأبي الحسن الصغير شارح المدونة- وكان ناظرا على المارستان بفاس يتولى تجهيز الموتى بيده، وقد جيء ذات يوم بميت غريب، فلما أراد غسله وجد بضاعة دراهم فوضعها بالأرض ليذهب بها إلى بيت المال، فلما كفنه اندرجت معه في الكفن فنسيها، فلما وضع عليه التراب