قال جامعه عفا الله عنه: ولا مانع من كونها موصولة اسمية؛ أي بالمكان الذي يملك فيه الدفن. والله سبحانه أعلم.
وأقله ما منع رائحته وحرسه؛ يعني أن أقل القبر عمقا ما يمنع رائحة الميت أن تشم دفعا للأذى ويحرسه من السباع وغيرها، وأكثره لا حد له، وندب عدم عمقه -كما مر- وجاز اتخاذه قبل الموت بمملوكة لا محبسة كما في التوضيح، قال ابن عات: من رأى تعميقه القامة والقامتين إنما رآه في أرض الوحش، أو توقع النبش. قاله ابن عرفة.
وبقر عن مال كثر، البقر: عبارة عن شق الجوف؛ يعني أن من ابتلع مالا كذهب أو فضة أو جوهر أو غيرهما، ثم مات فإنه ينظر، فإن كان الذي ابتلعه كثيرا شق جوفه وأخرج منه، فإن لم يكن كثيرا فلا يشق جوفه، وسواء كان المال له أو لغيره. قاله أصبغ. وقاله ابن القاسم مرة، ومرة قال: لا يشق وإن كثر. وقال ابن حبيب: لا يشق ولو كانت جوهرة تساوي ألف دينار، وهذا كله مقيد بما إذا قامت على ذلك بينة، ولا يشق بمجرد الدعوى، فلو شهد بذلك عدل واحد فأجراه أبو عمران على الخلاف في القصاص في الجراح بالشاهد واليمين. ابن يونس: والصواب البقر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن إضاعة المال (١))، وإليه أشار بقوله: ولو بشاهد ويمين؛ يعني أنه إذا شهد عدلان على ابتلاعه فإنه لا إشكال في البقر، وأما إن شهد عدل وحلف المدعي معه فيبقر أيضا، هذا هو الصواب عند ابن يونس، ومقابله القول الآخر المجرى على عدم ثبوت القصاص في الجراح بشاهد ويمين. وقوله:"كثر"؛ بأن كان نصابا، وهل نصاب الزكاة أو نصاب السرقة؟ قولان، وبين القولين في حده بعد كثير. قاله الشيخ إبراهيم. واقتصر الشيخ الأمير على حد الكثير بنصاب الزكاة، وقد مر ذكر الخلاف في مسألة بقر الميت عن مال كثر، قال في التوضيح: قال شيخنا: ينبغي أن يكون محل الخلاف إذا ابتلعه لقصد صحيح؛ أي لخوف عليه أو لدواء، وأما إن قصد قصدا مذموما أي كحرمان وارثه، فلا ينبغي أن يختلف في وجوب البقر لأنه كالغاصب. وقيد ابن بشير الخلاف بما إذا كان للميت مال يؤدى منه، وإلا فلا ينبغي أن يختلف في استخراجه. قاله الخرشي. وقال الشبراخيتي: ومحل تقييده بالكثير إذا لم يبتلعه