للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقصد حرمان وارثه؛ بأن كان لخوف أو مداواة، وأما إذا ابتلعه لذلك، فإنه يبقر عنه مطلقا قل أو كثر، فإن تبين بعد البقر كذب الشهود بأن لم يوجد المال في جوف الميت، عزر المدعي والشاهد.

قال الشيخ الأمير: والظاهر أنه لا يتأتى هنا يمين استظهار لعدم تعلق المال بالذمة، فيلغز بها دعوى على ميت ليس فيها يمين استظهار ولا قصاص عند تبين الكذب بسبب البقر؛ لأن قوله تعالى: {وَوَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} في حال الحياة، كما يدل على ذلك مسألة التجهيز على منفوذ المقاتل من القول بعدم قتله، بل هذا أولى. قاله الشيخ عبد الباقي.

قال مؤلفه عفا الله عنه: ويدل لذلك قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}. لا عن جنين؛ يعني أن أم الجنين لا تبقر بطنها عنه لاستخراجه، تحققت حياته أم لا، لكن لا بد من تحقق موته قبل دفنها، فلا تدفن قبله ولو تغيرت ارتكابا لأخف الضررين وفي المدونة: لا يبقر عن جنين الميتة إذا كان جنينها يضطرب في بطنها، وظاهرها أنها لا تبقر ولو رجي خلاصه منها حيا، وظاهرها تأويل على اصطلاح المصنف. قاله الشبراخيتي، وغيره. وهذا الظاهر هو المشهور، وخالف أشهب وأصبغ وسحنون فيما إذا تيقنت حياته، وحمل عبد الوهاب قول سحنون على أنه تفسير للمدونة، وأن ابن القاسم إنما قال ذلك فيما إذا لم تتيقن حياته، وإلى تأويل عبد الوهاب أشار بقوله: وتؤولت أيضا على البقر إن رجي؛ يعني أن المدونة كما تؤولت على ظاهرها، فيكون قول أشهب وأصبغ وسحنون مقابلا لها تؤولت أيضا على أنها مفَسَّرَةٌ يقَوْلِ هؤلاء الأئمة، فلا خلاف بينهم وبين ابن القاسم على هذا التأويل، وعلى القول بأنها تبقر إن رجي خلاصه منها حيا، يكون البقر من خاصرتها اليسرى؛ لأنه أقرب للجنين. اللخمي: ويكون البقر في السابع أو التاسع أو العاشر، وحسنه سند. ابن عبد الحكم: رأيت رجلا مبقورا على رمكة مبقورة. ابن يونس: الصواب البقر؛ لأن الميت لا يؤلمه.

وقد نهي عن إضاعة المال، وأبيح قطع الصلاة خوف وقوع صبي أو أعمى في بئر، فبقر الميتة التي يتحقق موت ولدها لو تركت أولى، ويحمل قول عائشة: كسر عظام المؤمن ميتا ككسرها حيا على ما إذا فعل ذلك عبثا لا لأمر هو أوجب منه، ولو أصاب الحي أمر في جوفه يتحقق حياته باستخراجه لبقر عنه، ولم يكن آثما بفعله بنفسه ولا بولده أو عبده مع أن حرمة الحي أعظم.