للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاله الخرشي. والفرق بين المال يبقر عنه والجنين لا يبقر عنه أن سلامة الجنين مشكوكة فلا تنتهك حرمتها له، والمال محقق بقاؤه وإخراجه على ما هو عليه، وينبغي أن محل الخلاف في جنين الآدمي، وأن غيره من الأنعام إذا رجي الولد يبقر عنه قولا واحدا، وما تقدم من أن البقر من خاصرتها اليسرى، قال الخرشي والشبراخيتي: حيث كان أنثى، وإن كان ذكرا فمن خاصرتها اليمنى. انتهى. وهو مشكل؛ إذ كيف يعلم أنه ذكر أو أنثى وهو في بطن أمه؟ وقد قال جل من قائل: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}. قاله مقيد هذا الشرح عفا الله عنه.

وعلم مما قررت أن محل الضعيف إنما هو بعد موت المرأة، وأما قبل موتها فمحل اتفاق بين المشهور، ومقابله: وإن قدر على إخراجه من محله فعل؛ يعني أن المرأة إذا ماتت وجنينها يضطرب، فإن قدر على أن يخرج حيا برفق من المحل الذي يولد منه أخرج منه. قاله مالك في المبسوط؛ وهو متفق عليه. اللخمي: وهو مما لا يستطاع؛ أي لأنه لا بد له من القوة الدافعة؛ وهي شرطها الحياة.

والنص عدم جواز أكله لمضطر؛ يعني أن المنصوص في المذهب أن المضطر وهو الذي لم يجد ما يسد به رمقه لا يجوز له أن يأكل من ميتة الآدمي إذا وجدها، وسيقول المصنف: وللضرورة ما يسد غير آدمي، وسواء كان الميت مسلما أو كافرا؛ لأنه لا تنتهك حرمة آدمي لآخر. ابن رشد: الصحيح أن ميتة الآدمي لا تسمى ميتة، ولهذا لم يجز للمضطر أكله بإباحة الله تعالى لأكل الميتة على الصحيح من الأقوال، وليس برجس ولا بنجس، وإنما حرم أكله إكراما له لا لنجاسته، وقيل: يجوز للمضطر أكل ميتة الآدمي. ابن عبد السلام: وهو الظاهر، وإليه أشار بقوله: وصحح أكله أيضا؛ يعني أن بعض العلماء صحح أكل ميتة الآدمي؛ وهو ابن عبد السلام -كما علمت- خَرَّجَ جواز الأكل على القول بجواز البقر، قال: والجواز هنا أولى لأن حياة الآدمي محققة بخلاف الجنين، والضمير في أكله الأول عائد على الآدمي الميت المفهوم من السياق، وضمير أكله الثاني كذلك، ويحتمل أنه للمضطر الحي. والله سبحانه أعلم. وقوله: "والنص عدم جواز أكله لمضطر"، سواء كان المضطر مسلما أو كافرا، ولا يحل له أن يأكل بعض نفسه، قال عبد الباقي: ولا يرد ما يأتي عند قوله: ووجب إن رجا حياة أو طولها، من أن من أكلت الأكلة بعض أطرافه