للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخيف سريانها في بقيته، وجب قطع المأكول حيث تحقق عدم السريان بقطعه؛ لأنه في نفسه، وما هنا يمكنه التحرز عن نفسه وعن الغير بميتة دابة، فيتحرز عن نفسه وعن إذاية الغير. انتهى. وفيه نظر، فإن الخلاف إنما هو حيث عدم غيره لا مع وجود غيره كما يوهمه كلامه. قاله الشيخ بناني. وقوله: وصحح أكله ظاهره ولو كان كافرا والميت مسلما، وقوله: وصحح أكله أيضا، وعلى هذا القول، هل يطبخ؟ استظهر بعض الشراح أنه يصنع به ما يصنعه بقوته، كما في الخرشي. وللشافعية: يحرم طبخه وشيه لما فيه من هتك حرمته مع اندفاع الضرر به، وقوله: وصحح أكله أيضا، ويتخير في الآدمي غير المعصوم. قاله عبد الباقي، وغيره.

ودفنت مشركة حملت من مسلم بمقبرتهم؛ يعني أن المشركة التي حملت من مسلم إذا ماتت وهي حامل منه، فإنها تدفن بمقبرة الكفار، هكذا في النوادر عن مالك، وزاد عنه: إذ لا حرمة لجنينها حتى يولد. ابن حبيب: لأنه عضو منها حتى يزايلها، وقوله: "مشركة"؛ يعني كافرة بأي أنواع الكفر. وقوله: "حملت من مسلم"؛ أي حملت منه بوطء شبهة مطلقا، أو بنكاح في كتابية، ويتصور بنكاح في غيرها حيث أسلم، ويتأول في قوله: "من مسلم"؛ أي ولو مآلا، وإذا زنى مسلم بكافرة فعلى قول من يقول إن حملها مسلم، كما لأبي الحسن في الكلام على الغرة يشمله المصنف. قاله الشيخ عبد الباقي.

ولا يستقبل قبلتنا ولا قبلتهم؛ يعني أن المشركة التي حملت من مسلم إذا ماتت نتركها لأهل ملتها، ولا نتعرض لهم في أنهم يستقبلون بها القبلة ولا في عدم ذلك، فيدفنونها على حكم دينهم، وأما إن تولينا دفنها لترك أهل ملتها لها فلا نستقبل بها قبلتنا؛ لأن جنينها لا حرمة له؛ إذ هو عضو من أعضائها، ولا نستقبل بها قبلة أهل الشرك؛ لأنا لا نعظم قبلتهم، فمحل قوله: "ولا يستقبل" الخ، حيث توليناها لترك أهل ملتها لها. النووي: الشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ويهودي ونصراني، وعلى هذا فلا يحتاج إلى قول من قال: لو قال المؤلف: ودفنت كافرة لكان أشمل.

ورمي ميت البحر به مكفنا، إضافة ميت للبحر على معنى: في، قاله غير واحد؛ يعني أن الميت في البحر من المسلمين يغسل ويحنط ويصلى عليه، ويرمى به البحر مستقبل القبلة على شقه