حركاتهم، فلا حس يسمع ولا شخص يرى، وبقي الجبار عز وجل كما لم يزل أزليا واحدا منفردا بعظمته وجلاله، ثم يَفْجَأ رُوحك نداء المنادي للعرض على الله عز وجل. انتهى.
وروى أبو بكر بن الخطيب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:(يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قطُّ، وأظمأَ ما كانوا قطُّ، وأعرى ما كانوا، وأنصب ما كانوا، فمن أطعم لله أطعم، ومن سقى لله سقاه، ومن كسا لله كساه، ومن عمل لله كفاه (١))، وقال محمد بن كعب: يحشر الناس يوم القيامة في ظلمة، وتطوى السماء، وتتناثر النجوم، وتذهب الشمس والقمر، وينادي مناد فيتبع الناس الصوت يومئذ، فذلك قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ}، وقوله تعالى:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}. الآية. الجمهور على أن النور هنا نور حقيقة، وقد روي عن ابن عباس وغيره آثار مضمنها أن كل مؤمن مظهر للإيمان يعطى يوم القيامة نورا، فيطفأ نور كل منافق، ويبقى نور المؤمنين حتى أن منهم من نوره يضيء كما بين مكة وصنعاء، رفعه قتادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من نوره كالنخلة السحوق، ومنهم من نوره يضيء ما قرب من قدميه، قاله ابن مسعود. ومنهم من يهم بالانطفاء مرة، ويبين مرة على قدر المنازل في الطاعة، والمعصية، قال قتادة: ما من عبد إلا وينادى يوم القيامة: يا فلان هذا نورك، يا فلان لا نور لك نعوذ بالله من ذلك، فمقادير الأنوار يوم القيامة على حسب مقادير المعارف في الدنيا، فمعرفة الله تعالى اليوم هي النور في القيامة، وقول المنافقين:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}؛ أي أخروا مشيكم حتى نلتحق فنقتبس؛ أي نأخذ من نوركم قبسا، والقبس: الشعلة من النار والسراج، والمنافقون طمعوا في شيء من أنوار المؤمنين، وهذا منهم جهل؛؛ لأن تلك الأنوار نتائج الأعمال الصالحة في الدنيا وهم لم يقدموها، قال الحسن: يعطى يوم القيامة كل أحد نورا على قدر عمله، ثم يؤخذ من حَجَرِ جهنم ومما فيها من الكلاليب والحسك ويلقى على الطريق، ثم تمضي زمرة من المؤمنين وجوههم كالقمر ليلة البدر، ثم تمضي زمرة أخرى كأضوإ كوكب في السماء ثم على ذلك، ثم تغشاهم ظلمة تطفئ نور