للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافقين، فهناك يقول المنافقون للذين آمنوا: انظرونا نقتبس من نوركم، قال الغزالي في الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة: فإذا استوى كل أحد قاعدا على قبره، فمنهم العريان، ومنهم المكسو والأسود والأبيض، ومنهم من يكون له نور كالصباح الضعيف، ومنهم من يكون كالشمس، لا يزال كل واحد منهم مطرقا برأسه ألف عام حتى تقوم من المغرب نار لها دوي، فيدهش منها الخليقة إنسا وجنا وطيرا ووحشا، ويأتي كل واحد من المخاطبين عمله، ويقول له: قم انهض إلى المحشر، فمن كان له حينئذ عمل جيد شخص له عمله بغلا ومنهم من يشخص له غير ذلك يحمله، ويجعل لكل واحد منهم نور شعاعي بين يديه وعن يمينه مثله يسري بين يديه في الظلمات؛ وهو قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}، وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة حالكة لا يستطيع نفاذها، يحار فيها الفكر ويتردد المرتابون، والمؤمن ينظر إلى قوة حلكتها وشدة حِندسها، ويحمد الله سبحانه على ما أعطاه من النور المهتدى به في تلك الشدة يسعى بين أيديهم وبأيمانهم؛ لأن الله تعالى يكشف للعبد المؤمن المنَعَّم من أحوال العذب الشقي ليتبين له قدر النعمة، ومن الناس من يبقى على قدميه وعلى طرف بنانه، نوره يطفأ مرة ويشتعل أخرى، وإنما هم عند البعث على قدر إيمانهم وأعمالهم، وقوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ}، اعلم أنه ورد في تبديل الأرض أخبار منها ما في صحيح البخاري عن سهل بن سعد، قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقى (١) قال سهل وغيره: ليس فيها معلم لأحد، ومنها ما في الصحيح: (أن الله يبدلها خبزة يأكل المؤمن منها من تحت قدميه (٢) ومنها: (أنها تبدل أرضا من فضة (٣))، وروي (أنها أرض كالفضة (٤) وروي: (أنها تبدل نارا (٥))، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (المؤمنون في وقت التبديل في ظل العرش (٦) وروي عنه أنه قال: (الناس وقت التبديل على


(١) البخاري، كتاب الرقاق، الحديث: ٦٥٢١. مسلم، كتاب صفات المنافقين، الحديث: ٢٧٩٠.
(٢) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط). التذكرة، ص ١٧٠. وتفسير ابن كثير، ج ٢ ص ١٠١٠.
(٣) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط).
(٤) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط). التذكرة، ص ١٧٠.
(٥) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط). التذكرة، ص ١٧٠.
(٦) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط).