للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصراط (١) وروي أنه قال: (الناس حينئذ أضياف الله فلا يعجزه ما لديه (٢))، والظاهر من هذا أن التبديل لكل فريق بما يقتضيه حاله، فالمؤمن يكون على خبز يأكل منه بحسب حاجته إليه، وفريق يكون على فضة، وفريق الكفر يكونون على نار، وأن التبديل بحسب مواطن الآخرة، ولا شك أن للآخرة مواطن وللناس أحوالا مختلفة فيها، كما أن أحوالهم في الدنيا مختلفة، وبهذا ونحوه يقع الجمع بين الآثار، والقاعدة والعقيدة أن كل ما أخبر الله به ورسوله حق لا تعارض ولا تناقض فيه بوجه، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وروى البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا؟ قال: فإن رأى أحد قصها، فيقول: ما شاء الله فسألنا يوما، فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا، قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى الأرض المقدسة، فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد، قال بعض أصحابنا عن موسى أنه يدخل ذلك الكلوب في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر كذلك، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا رجلا مضطجعا على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ بها رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إليه حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه قلت ما هذا؟ قالا: انطلق فانطلق إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع تتوقد تحته نار، فإذا اقتربت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر، قال يزيد ووهب بن حربي بن حزام: وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فَجَعَل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقالا: انطلق، فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ وصبيان،


(١) مسلم، كتاب صفة القيامة، الحديث: ٢٧٩١.
(٢) رياض الصالحين للثعالبي (مخطوط). وتفسير ابن كثير، ج ٢ ص ١٠١٠.