للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا برجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي الشجبرة فأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها فيها رجال شيوخ وشبان ونساء وصبيان، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل، فيها شيوخ وشباب، فقلت: طوفتماني فأخبراني ما رأيت، قالا: نعم الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة لتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة، والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله تعالى القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار يفعل به إلى يوم القيامة، والذي رأيته في الثقب فهم الزناة والذي رأيته في النهر آكل الربا، والذى يوقد النار مالك خازن النار، وشيخ في أصل الشجرة: إبراهيم، والصبيان حوله: فأولاد الناس، والدار الأولى التي دخلت: دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فهي: دار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب، قال: ذلك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي، فقالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله، فلو استكملته دخلت منزلك (١)).

وروى الحليمي بسنده عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: (إن المؤذنين والملبين يخرجون يوم القيامة من قبورهم، يؤذن المؤذن، ويلبي الملبي، وأول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم الخليل، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم النبيئون والرسل عليهم السلام، ثم يكسى المؤذنون وتتلقاهم الملائكة على نجائب من نور أحمر أزمتها من زبرجد أخضر رحالها من المذهب، ويشيعهم من قبورهم سبعون ألف ملك إلى المحشر (٢) وفي الحديث: (تحشرون حفاة عراة غرلا (٣))؛ أي غير مختونين. وفي كتاب أبي الليث السمرقندي ما نصه: وأول من يكسى يوم القيامة من كسوة الجنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، وروى في رواية أخرى: محمد: ثم إبراهيم: ثم يكسى الرسل والأنبياء، ثم المؤذنون المحتسبون، وتتلقاهم الملائكة بنجائب من ياقوت أحمر يشيع كل رجل منهم بسبعين ألف ملك من قبره، فيجاء به إلى المحشر، وقال الإمام الثعالبي: قال عبد الحق رحمه الله: اعلم رحمك الله أن أمر الخاتمة إذا ذكر حقيقة ذكره انفطرت له القلوب، وتشققت


(١) البخاري، كتاب الجنائز، الحديث: ١٣٨٦.
(٢) تذكرة القرطبي، ص ١٨٥.
(٣) البخاي، كتاب الرقاق، الحديث: ٦٥٢٦.