للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن الزكاة أفضل من الصوم، ويدل لذلك تقديمها الذي رواه الشيخان والنسائي والترمذي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم ومضان (١)). انتهى.

فرع: قال ابن وهب عن مالك في الجزار يشتري الغنم ليذبحها فيحول حولها عنده: إنه يزكيها. انتهى. قاله الحطاب. وإن معلوفة؛ يعني أن المعلوفة من النَّعم تجب زكاتها كالسائمة، والمعلوفة هي المحبوسة في البيوت تعلف ولا تترك تسوم، وسواء علفت في الحول كله أو بعضه، ورد بالمبالغة على المعلوفة قول الإمام الشافعي: إن علفت، ولو جمعة في الحول لا زكاة فيها، وقال الإمام أحمد والإمام أبو حنيفة: غالب الحول كالحول، قاله الشيخ إبراهيم. وعاملة؛ يعني أن النعم العاملة؛ أي المستعملة في حرث أو سقي أو حمل أو نحو ذلك تجب فيها الزكاة، خلافا لأبي حنيفة والشافعي عملا بمفهوم: (في سائمة الغنم الزكاة (٢)).

واعلم أن ما قبل المبالغة في كلام المصنف هو النعم السائمة؛ وهي المرسلة لترعى النبات، ولا خلاف في وجوب الزكاة فيها عند توفر الشروط فيها، وأما المعلوفة والعاملة فتجب الزكاة فيهما عندنا؛ لأن القيد في حديث: (في سائمة الغنم الزكاة (٣)) عندنا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له نظير: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}، فإنها تحرم ولو لم تكن في الحجر، وما يقال قدم عموم منطوق (في أربعين شاة (٤))، فيه أن هذا مطلق، فيحمل على المقيد. قاله الشيخ الأمير. وقال الشيخ العارف بالله تعالى عبد العزيز الدباغ: إن مفهوم السائمة في الحديث هي التي أضناها المرض أي أضعفها، فلا تقدر على السوم، وأما المعلوفة والعاملة فلهما القوة على السوم ومنعا منه، انتهى. قال جامعه عفا الله عنه: وهذا غاية في الحسن. والله سبحانه أعلم.


(١) مسلم، رقم الحديث: ١٦. البخاري، رقم الحديث: ٨. الترمذي، كتب الإيمان، الحديث: ٢٦٠٩. النسائي، كتاب الإيمان وشرائعه، الحديث: ٥٠٠١.
(٢) الموطأ، كتاب الصدقة، الحديث ٥٩٧.
(٣) الموطأ، كتاب الصدقة، الحديث: ٥٩٧.
(٤) مصنف عبد الرزاق، الحديث ٥٧٩٢.