قوله في الحديث: تردها السباع السباع تشمل الكلب وغيره من الحيوان المفترس كما نصوا عليه في باب الذكاة قوله: "أو ولغ فيه كلب" محل الكراهة فيه مع وجود الغير كما نص عليه الشيخ إبراهيم ويفيده الإمام الحطاب وإلا فلا. وقوله أو ولغ فيه كلب من توضأ بسؤره وصلى فلا إعادة عليه في وقت ولا في غيره قاله غير واحد وهو ظاهر المدونة. أبو عمران من توضا به وهو عالم بأنه سؤر كلب فلا إعادة عليه، ولابن القاسم وغيره أنه يطرحه ويتيمم، وقاله ابن الماجشون. ولابن وهب أنه يعيد المتوضئ به في الوقت، وأورد ابن رشد سؤالا وهوأن المكروه ليس في فعله ثواب وقد صح الوضوء به والصحة تستلزم الثواب فكيف يجمع بينهما انتهى. ولم يجب بشيء ويمكن الجواب بأن الصحة لا تستلزم الثواب ألا ترى الوضوء بالماء المغصوب؟ فإنه صحيح مع أنه لا ثواب فيه قاله الشبراخيتي. وقوله: أو ولغ فيه كلب أي يكره، ولو تحققت طهارة فمه وراكد يغتسل فيه الفعل بدل اشتمال من راكد، وأصل الكلام: وكره راكد أن يغتسل فيه فحذف أن على حد قوله عز وجل: {قل أفغير الله تأمروني أعبد} في أحد الوجوه أن غير معمول لتأمروني، وأعيد بدل اشتمال منه أي تأمروني بعبادة غير الله؟ ومعني كلام المص أنه يكره للشخص أن يغتسل بماء راكد أي ساكن غير جار إن لم يستبحر ولا مادة له أو له وهو قليل ولم يضطر إليه فلا كراهة في اغتساله بمستبحر جدا، ولا في بئر كثيرة الماء بخلاف قليلته فمن الراكد، ولا كراهة إن اضطر لذلك بأن لا يجد عنه بدا من أخذ بطرف ثوب أو بفيه، ولا يكون مضافا إذا مجه مكانه، أو برأسه أو بلحيته أو عشب فيتعين حينئذ النزول فيه، وقوله:"وراكد يغتسل فيه" قيدت الكراهة بأن لا ينجسه فإن نجسه اغتساله فيه ولو ظنا وجب تركه ليلا يقذره على غيره، فإن كان ملكه لم يجب تركه، وما ذكره المص قول مالك وهو المشهور، والكراهة عنده تعبدية فهي حاصلة ولو غسل ما به من أذى لقوله صلى الله عليه وسلم [لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب](١) انتهى. والتقييد بالجنب معتبر خلافا لأصبغ قال سند ومذهبه خارج عن الجماعة ومردود من حيث السنة ومن حيث النظر انتهى. وحينئذ فلا يكره لغسل جمعة أو عيد.