نجسا من الحيوان كالطير والسباع، واكتفى المص بذكر شارب الخمر عن النصراني مع ذكره في المدونة وغيرها لأنه من شربة الخمر.
من ماء بيان لسؤر شارب الخمر ولما أدخل يده فيه ولسؤر ما لا يتوقي نجسا؛ يعني أن محل الكراهة في الأمور الثلاثة إنما هو حيث كانت من ماء وسيأتي محترز ذلك، ومحل الكراهة فيها أيضا إن وجد غيره وكان يسيرا، فإن لم يجد غيره استعمله، وكذا لو كان كثيرا فلا كراهة، ولم يكتف المص بقوله: ما لا يتوقي نجسا عن قوله: شارب خمر لأنه لما أتى بما وهي لما لا يعقل غالبا لم يصدق على شارب الخمر باعتبار الغالب فيها لا إن عسر الاحتراز منه يعني أن الحيوان الذي لا يتوقى النجاسة إذا عسر الاحتراز منه كالهر والفارة فإنه لا يكره استعمال سؤره من الماء لمشقة الاحتراز منه، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الهرة [إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات](١) هكذا رواه مالك في الموطإ قال صاحب مطالع الأنوار: يحتمل أو أن تكون للشك أو للتقسيم، والطوافون الخدم والمماليك وقيل هم الذين يخدمون برفق وعناية، ومعنى الحديث إنما هي من الطوافين من الخدم والصغار الذين سقط في حقهم الحجاب والاستيذان في غير الأوقات الثلاثة التي ذكر الله وإنما سقط في حقهم دون غيرهم للضرورة وكثرة مداخلتهم بخلاف الأحرار البالغين فلذا يعفى عن الهرة للحاجة أشار إلى نحو هذا أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي. وقوله: لا إن عسر الاحتراز منه محله حيث لم تر على فيه نجاسة وإلا فلا فرق بين ما يعسر الاحتراز منه وغيره، وهو قوله: وإن ريئت علي فيه إلى آخره فمحل التفصيل حيث لم تر على فيه نجاسة، فإن كان مما لا يعسر الاحتراز منه ولم تر علي فيه فالتفصيل بين الماء والطعام هو المشهور، وقيل يطرح الماء والطعام، وقيل لا يطرح واحد منهما أو كان طعاما يعني أن سؤر الشرِّيب وما لا يتوقي نجسا مطلقا عسر الاحتراز منه أم لا، وما أدخل شارب الخمر فيه يده كل ذلك لا يكره استعماله إذا كان طعاما، ولا يراق لإضاعة المال فهو لا يطرح بالشك في نجاسته، وسيأتي حكم ما إذا تحققت النجاسة في قوله: وإن ريئت على
(١) إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات. الموطأ، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٤٤ - الترمذي في سننه، رقم الحديث: ٩٢.