الكعبة، والمراد بها إقامة الموسم، وإقامة الموسم هي الوقوف بعرفة، فيجب على الإمام أن يرسل جماعة لإقامة الموسم، ولا يكتفي بزيارة الكعبة بلا إقامة الموسم، بل لا بد منهما أي من زيارة الكعبة مع إقامة الموسم، ولا يسقط ذلك في عام من الأعوام إلا لعذر لا يستطاع معه الوصول إليها. نعوذ بالله تعالى من ذلك. وفي مصنف عبد الرزاق بسنده إلى ابن عباس:[لو ترك الناس زيارة هذا البيت عاما واحدا ما أُمْطِرُوا](١)). قاله الحطاب. النووي: ومن فروض الكفاية: إحياء الكعبة بالحج في كل سنة هكذا أطلقوا، وينبغي أن تكون العمرة كالحج والاعتكاف والصلاة في المسجد الحرام. التادلي: وهذا لا يبعد قول مثله على أصل المذهب، فإن عمارة المساجد غيره بالجماعات من فروض الكفاية وكذلك عمارة الكعبة بالحج والعمرة. انتهى. قال الحطاب: وهو ظاهر. والله أعلم وفي الإحياء: ويكره للحاضر بمكة مقيما بها أن لا يحج في كل سنة. انتهى. قال الحطاب: والظاهر أنه موافق لمذهبنا. والله أعلم.
وتحصل مما مر أن الحج على ثلاثة أقسام: فرض عين، وفرض كفاية، وتطوع. وأن العمرة على ثلاثة أقسام أيضا: سنة عين، وكفاية، ومندوبة. وقد مر أن العمرة يكره تكرارها في العام الواحد وهو قول مالك في المدونة وهو المشهور؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكررها في عام واحد مع قدرته على ذلك، وقد كرهه جماعة من السلف، وأجاز ذلك مطرف وابن الماجشون، وقال ابن حبيب: لا بأس بها في كل شهر مرة، وروي عن ابن عمر أنه اعتمر ألف عمرة، وحج ستين سنة، وحمل على ألف فرس في سبيل الله تعالى، وأعتق ألف رقبة، قاله الحطاب.
سند: كره مالك تكرارها في السنة الواحدة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه اعتمر في كل عام مرة، وحكي كراهة ذلك عن كثير من السلف، وما روي عن ابن عمر وعلي يحتمل أن يكون قضاء عن نذر، ونقل اللخمي عن مطرف وابن المواز جواز تكرارها في السنة الواحدة، ولو أحرم بالثانية انعقد إحرامه إجماعا. انتهى. وقاله غير سند، وإذا اعتمر في ذي الحجة فهل له أن يعتمر أخرى في المحرم؟ روايتان عن مالك، وعلى أنه لا يعتمر فإذا لم يكن اعتمر فلا يعتمر إلا واحدة، وإذا قلنا إنه لا يفعل إلا واحدة، فهل الأَوْلَى أن تكون في آخر ذي الحجة أو في المحرم؟