وعلم مما قررت أن قوله: لعمل؛ راجع للاحتزام والاستثفار، واحترز بقوله: فقط عما إذا احتزم أو استثفر لغير عمل أي خدمة فإن عليه الفدية فيهما، قال الشيخ إبراهيم: ولو أدخل الكاف على احتزام لجري على قاعدته الأغلبية. وجاز خف قطع أسفل من كعب؛ يعني أن المُحْرِمَ يجوز له أن يلبس الخفين إن قطعا أسفل من الكعبين، لقوله عليه الصلاة والسلام:(إلا أن لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين (١))، وقوله:"خف"، الخف هنا يشمل اثنين لأنه اسم للمزدوج، ومثل الخف الجرموق والجورب، وقوله:"قطع"، وكذا لو ثني فيما يظهر. قالد عبد الباقي. وقوله:"قطع" سوا، قطعد هو أو غيره أو اشتراه كذلك، ومثله في أبي الحسن الصغير، ونقل ابن عمر في شرح الرسالة قولين هذا أحدهما، والآخر أنه إنما يغتفر ممن قطعه لا لمن اشتراه كذلك. قاله أحمد. لكن الثاني حكاه الشاذلي بقيل، والظاهر الإطلاق. قاله عبد الباقي.
لفقد نعل؛ يعني أنه إنما يجوز للمحرم لبس الخف المذكور لأجل فقد النعال بالكلية، أو غلوه فاحشا؛ يعني أنه كما يجوز للمحرم لبس الخف المقطوع أسفل من الكعبين لأجل فقد النعال جملة: يجوز له لبسه أيضا لغلو ثمنها غلُوًا فاحشا، بأن يزيد ثمنه أي النعل على قيمته بالثلث كما لأبي الحسن. قاله بناني. فلو لبسه لغير ما ذكر وقد قطع أسفل من الكعبين فعليه الفدية، ولو لضرورة كشقوق في رجليه يقتضي مشيه بالخف وعدم مشيه بالنعل؛ إذ وجود النعل في هذه الحالة كعدمه. قاله الشبراخيتي. وظاهر المصنف اعتبار الفقد والغلو عند الإحرام، فلا يجب عليه ذلك قبل الميقات إذا وجد ثمنا، وفي الطراز: خلاف ذلك، وهو أنه يجب عليه أن يُّعدَّهما أي النعلين قبل الميقات إذا وجد ثمنا، وتبعه الشيخ زروق في شرح الإرشاد، وقال القاضي عياض في قواعده، والتجرد من المحيط والخفاف للرجال وماله حارك من النعال يستر بعض القدم إلا أحدا لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين. انتهى. وماله حارك من النعال كنعل التكرور التي لها عقب يستر بعض القدم. قاله الحطاب. وقوله:"أو غلوه فاحشا"، يشمل قليل الدراهم وغيره، فيشتري النعل ولو مع حاجة، فليس كالوضوء لأن الوضوء له بدل وهو التيمم، وأما كونه
(١) الموطأ، ج ١ ص ٢٢٩. البخاري، كتاب العلم، بات من أجاب السائل بأكثر مما سأله، الحديث: ١٣٤. مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث: ١١٧٧.