للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستحبابها على قولين: القول بالوجوب هو ظاهر المذهب نقله ابن فرحون، وكل من القولين رجح كما قاله ابن فرحون في شرحه لابن الحاجب والمصنف في مناسكه، فصح تعبير المصنف بخِلافٌ، وقال الحطاب: قال في المناسك: واستحب مالك في يوم عرفة ترك الاستظلال. انتهى. وقال في الشامل: وكره تظليله يوم عرفة. انتهى. وكأنه مبني على أن مقابل المستحب مكروه، وصرح بكراهة مالك لذلك في النوادر، ونقله ابن معلى في منسكه إلا أنهم خصوا ذلك بزمن الوقوف فقط لا بيوم عرفة جميعه. انتهى. ونقل الحطاب كلام النوادر إلى أن قال فيه: واختلف في إظلاله حال الوقوف، فكرهه مالك وأهل المدينة وأحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنهم، وأجاز ذلك غيرهم. انتهى. انتهى.

وحَملٌ لحاجة؛ يعني أنه يجوز للمحرم أن يحمل خرجه أو جرابه أو غير ذلك على رأسه لحاجة فيما يحمله لنفسه بأن لا يجدمن يحمله مطلقا، أو وجد من يحمله له بأجرة لا يقدر عليها، وهذا فيما يحمله لنفسه، وقوله: وفقر، خاص بالحمل لغيره؛ يعني أنه إذا كان معاشه من الحمل للناس لأجل فقره فإنه يجوز له الحمل على رأسه، والواو بمعنى أو، لا للعطف التفسيري، فأحد الأمرين كاف.

والحاصل أنه إذا كان الحمل لمعاشه فإنه لا فدية فيه، وإن لم يكن لمعاشه، فإن كان لعدم وجود ما يستأجر به فكذلك، وإن وجد من يحمله مجانا أو بأجرة يقدر عليها فعليه الفدية في حمله. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي: وجاز لماش حمل لخرجه أو جرابه على رأسه، أو وقره فيه متاعه ملقى خلفه مشدودا حبله على صدره، والوقر بالكسر: الحمل، وكان الحمل لحاجة للحمل، ولو غنيا لعيشه حيث لم يجد من يستأجره أو وجده ولم يجد أجرة.

بلا تجر؛ يعني أن محل جواز الحمل المذكور حيث كان لا لتجر بل لمعاشه، فإن كان لتجر زائد على معاشه فعليه الفدية، وأما التجر الذي لمعاشه كالعطار فإنه داخل في قوله: "وحمل لحاجة وفقر"، فَلا فدية فيه فإن وقفت دابته للتجارة والتجأ إلى حمله حمل وافتدى، وتأثير الضرورة في رفع الإثم وجواز الإقدام لا في سقوط الفدية كما في الحلاق ولبس المُحيط.