للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمحرم لبسه ولم يحرم. قاله في الطراز. قاله الحطاب. ومن العتبية وكتاب ابن المواز: قال مالك: ومن أحرم بثوب فيه لمعة من الزعفران فلا شيء عليه وليغسله إذا ذكر. قاله في التوضيح، وابن عبد السلام وغيرهما، وقبلوه كلهم، وقيده ابن رشد بما إذا غسل اللمعة. قاله الحطاب.

وقال: ما ذكره ابن رشد وإن كان ظاهرا من جهة المعنى يرده قول مالك: وليغسله إذا ذكره، فإنه صريح في أنه أحرم فيه قبل غسله، وكأنه -والله أعلم- استخف ذلك ليسارته؛ لأن المراد باللمعة الشيء اليسير، أما لو كان كثيرا فالظاهر ما قاله ابن رشد: ويجوز الإحرام في الثوب غير الجديد ولما ينترع غسله لمجرد كونه غير جديد. فإن كان نجسا أو دنسا غسل من الدنس؛ لأن البياض مستحب، وغسله من الدنس عمل في تبييضه. وقال الشافعي: إن الجديد أفضل، وفي الطراز: فإن كان ثوبه نجسا غسله، فإن لم يغسله وأحرم فيه صح إحرامه وفاقا، ولا شيء عليه؛ لأن الإحرام يصح مع الحدث والجنابة والحيض، فلا تنافيه النجاسة حتى قال أصحابنا: لو كان في بدنه أو ثوبه طيب وأراد أن يحرم ولم يجد ما يزيل به الطيب فأزاله ببوله صح إحرامه وتخلص من فدية الطيب. انتهى.

وقد كان مالك يحرم في ثوب حِجَجًا، وذلك يدل أنه كان يرفعه يُعِده للإحرام؛ إذ لو امتهنه لا أقام حججا لا يغسله وقال مالك في الموازية: من ابتاع ثوبين من أسود فخاف أن يكونا مسروقين فلا يُحرم فيهما إن شك، قيل: إن باعهما وتصدق بثمنهما؟ قال: قد أصاب، والذي قاله من باب الورع والفضيلة لا من باب الوجوب. قاله الحطاب. ولا شك أنه ينبغي أن يحتاط في هذا الباب ويتركهما إذا حصلت ريبة وإن ضعفت، بخلاف باب الطهارة فلا يعمل فيه بالاحتمالات البعيدة. والله أعلم.

وللرجل أن يحرم في ثوب فيه حرير ما لم يكثر، وسئل مالك عن الرجل يكون في تابوته المسك فتكون فيه ملحفة فيخرجها ليحرم فيها وقد [علق (١)] فيها ريح المسك؟ قال: يغسلها وينشرها حتى تذهب ريحه.


(١) في الأصل فيه والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ٥٨٠. ط دار الرضوان.