للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يشترط فيه عدم الأكل؛ لأنه لا بد له من الأكل، وأما الكلب فالمشهور أنه كذلك خلافا لما حكاه أبو تمام مستدلا بما في حديث عدي بن حاتم: (فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه (١)) وحمله المشهور على الكراهة لما في أبي داوود عنه عليه الصلاة السلام: (فكل وإن أكل منه (٢)) جمعا بين الدليلين، وقوى ابن المواز المشهور بأن حديث الأكل صحبه العمل، وقال به الصحابة علي وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم وما صحبه العمل أولى. الباجي: وحمل شيوخنا حديث عدي على معنى ما أدركه الكلب ميتا من الجري أو الصدم فأكل منه، فإنه صار إلى صفة لا تعلق للإمساك بها. قاله الشارح.

أو لم ير بغار وغيضة؛ يعني أن الصائد إذا لم ير الصيد أي لم يعلم به لكونه مختفيا في غار أو غيضة، فأرسل عليه الجارح فقتله فإنه يؤكل، والغار الثقب في الجبل، والغيضة الشجر الملتف بعضه على بعض، فقول المص: "أو لم ير"، أي لم يعلم كما قررت، وقوله: "بغار أو غيضة"، حال فهو ظرف مستقر وهو في حيز المبالغة، وما قبل المبالغة علمه وأبصره أو أحدهما فقط، والمبالغ عليه انتفاؤهما، ويشترط أن لا يكون لهما منفذ آخر وإلا لم يؤكل ما كان بواحد منهما، لأنه من أفراد قوله: "أو قصد ما وجد": ورد بلو المقدرة قول سحنون في الذي يرسل كلبا في الجحر وهو لا يدري أفيه شيء أم لا؟ وينوي إن كان فيه شيء أرسله عليه فأصاب فيه صيدا فقتله أنه لا يحل أكله، وقوله في رجل أرسل كلبه في غيضة وهو لا يرى فيها شيئا ونيته إن كان فيها شيء صاد؛ فأصاب صيدا أنه لا يؤكل، ولابن القاسم قول بالفرق يؤكل ما في الغار ولا يؤكل ما في الغيضة، لاحتمال أن يدخل فيها بعد الإرسال وذلك مأمون في الغار. قاله الشارح.

وفي المدونة: من أرسل كلبه على صيد فأخذ غيره لم يؤكل، وإن أرسل على جماعة من وحش أو طير ونوى ما أخذ منها ولم يخص شيئا منها، أو على جماعتين ونوى ما أخذ منهما جميعا فليأكل ما أمسك عليه من ذلك كله مما قل عدده أو كثر وكذلك الرمي، وإن نوى واحدا من الجماعة فأخذ الكلب غيره منها لم يؤكل وكذلك الرمي، وإن أرسل على جماعة ينويها لم يؤكل


(١) مسلم، كتاب الصيد والذبائح، رقم الحديث ١٩٢٩
(٢) أبو داوود رقم الحديث ٢٨٢٥