أغراه بعد ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل (١))، فمعنى الوسط هنا أثناء الانبعاث، وليس هذا من أمثلة الشركة بل هو فعل ماض عطف على ظنه حراما، وقوله:"في الوسط"؛ أي الأثناء وهو ما قابل الإرسال من يده ولو بالقرب منه لا حقيقة الوسط فقط، وقوله:"أغرى"؛ أي قواه وحرضه على أخذ الصيد، وفي الخرشي "أن أو أغرى في الوسط" مستغنى عنه بقوله: "بإرسال من يده".
أو تراخى في اتباعه؛ يعني أن الصائد لا يؤكل مصيده إذا تراخى في اتباع الحيوان الجارح أو السهم بعد إرسال كل ثم وجده مقتولا، لاحتمال أنه لَوْ جَدَّ لأدرك ذكاته فيجب اتباعه والإسراع في طلبه؛ لأنه مع القدرة على ذكاته أشبه الإنسي الذي لا يؤكل بالعقر، إلا أن يتحقق أنه لا يلحقه؛ يعني أن محل عدم الأكل عند التراخي في الاتباع ما لم يتحقق الصائد حين الإرسال أنه لا يدرك الصيد -ولو جد- حتى يفوت فإنه يؤكل حينئذ، وكذا لو تحقق أنه يلحقه وتراخى ثم تبين أنه لو جد في اتباعه لا يلحقه فيؤكل، فالمعتبر تبين أنه لا يلحقه، وحكى ابن القصار جواز الأكل مع عدم الاتباع وإن وجده ميتا، وهذا يوذن بأن الاتباع من باب الأولى، والفاعل المستتر في "تراخى"، يعود على الصائد، والضمير في "أنه" عائد عليه، والضمير في "اتباعه" وفي "يلحقه" -أعني الهاء- عائد على الصيد. قاله الشارح.
أو حمل الآلة مع غير؛ يعني أن الصيد لا يؤكل إذا فرط الصائد في ذكاته حتى فات بأن وضع آلة الذبح في مكان يحتاج في تناولها منه إلى طول، كما إذا كانت مع غيره وهو يعلم أنه يسبق ذلك الغير ويقدر على حملها على غير هذا الوجه، وإنما لم يؤكل لتفريطه؛ لأنه يلزمه أن يجعل آلة الذبح في يده أو جرابه وما أشبه ذلك مما لا يستدعي طولا في تناولها.
أو بخرج؛ يعني أن الصائد إذا وضع الآلة بخرج معه أو مع غيره بحيث لا يتناولها بسرعة فمات الصيد قبل تناولها لكونه يستدعي طولا، فإنه لا يؤكل، وقوله:"أو حمل الآلة مع غير أو بخرج"، قد علمت أن محل هذا حيث لو كانت في غير ما ذكر مما يتيسر وضعها فيه ولا يتعسر تناولها منه لأدرك ذكاته، وأما لو تحقق أنه لو كانت معه بحيث يتيسر تناولها لم يدرك ذكاته