للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنه يؤكل في المسألتين، والخرج بالضم: وعاء معروف، وينبغي أن يقيد عدم الأكل فيما إذا حمل الآلة مع غير بما إذا لم يكن الصائد يجهل حكم التذكية والغير يعلمها فيصير الصائد حينئذ كالعدم؛ والعبرة بمن معه الآلة، فيشترط فيه كل ما قيل في الصائد من التراخي وعدمه. قاله الخرشي.

أو بات؛ يعني أن الصيد لا يؤكل إذا بات عن صائده ثم وجده من الغد وفيه أثر كلبه أو بازه أو

سهمه، ولو وجد السهم في مقاتله وقد أنفذها. قال مالك: وتلك السنة وهذا هو المشهور، ورواه

ابن القاسم عن مالك، وقال أصبغ وابن عبد الحكم: يؤكل كان الصيد به سهما أو جارحا: وقال محمد: إن كان سهما ووجد في مقاتله أكل وإلا فلا، وقال ابن الماجشون: إن وجده من الغد منفوذ القاتل أكله في السهم والجارح، وإن لم يجده منفوذ القاتل لم يأكله، وحجة المشهور قول ابن عباس رضي الله عنهما: (كل ما أصميت ودع ما أنميت (١))، والإصماء ما حضر موته والإنماء ما غاب عنه موته، وما ذكره أبو داوود في مراسيله قال: (جاء رجل بصيد إلى رسول الله صلى اللّى عليه وسلم، فقال: إني رميته من الليل فأعياني ووجدت سهمي فيه من الغد وعرفت سهمي، فقال: الليل خلق من خلق الله عظيم لعله أعانك عليه شيء أنفذها عنك) (٢) وقد ورد قريب من ذلك في بعض طرق حديث عدي.

وفي المدونة: ولو لم يبت إلا أنه توارى عنه الجارح والصيد ورجع الرجل إلى بيته ثم عاد فأصابه لم يأكله؛ إذ لعله لو كان في الطلب ولم يفرط أدرك ذكاته قبل فوات نفسه أو قبل إنفاذ مقاتله ففرط حين رجع. قاله الشارح. أحمد بن عبد الله تاج الدين بهرام الدميري. ووال أصبغ محتجا للأكل وقد أمن عليه مما يخاف الفقهاء أن يكون موته بغير سبب السهم، قال: ولم نجد لرواية ابن القاسم هذه عن مالك ذكرا في كتاب السماع، ولا رواها عنه أحد من أصحابه، ولم نشك أن ابن القاسم وهم فيها، وكان على المص أن يشير لهذا القول لقوته بقول ابن يونس: هو الصواب ولقول ابن رشد: هو أظهر الأقوال. انظر حاشية الشيخ بناني.


(١) البيهقي ج ٩ ص ٢٤١.
(٢) المراسيل لأبى داود، رقم الحديث ٤٠٤ ولفظه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصيد فقال إنى رميته بالليل فأعياني ووجدت سهم فيه من الغد وقد عرفت سهم فقال الليل خلق من خلق الله عظيم لعله أعانك عليها بشيء أبعدها عنك.