وقال عبد الباقي ما معناه أن قوله:"أو بات" ليس بقيد، بل المراد أنه خفي عنه ليلة أو بعضها. انتهى. وفي الخرشي: ولا مفهوم لقوله: "بات"، بل المراد أن يحجز بينه وبينه حصة من الليل، وفيه أيضا: والمراد بالبيات المدة الطويلة التي بحيث يعلم أنه لو عدا عليه شيء لأثر فيه، وفيه وفي غيره أيضا ما يفيد أنه لو رماه وغاب عنه يوما كاملا ووجده ميتا أنه يؤكل حيث لم يتراخ في اتباعه، فشرط أن لا يتراخى في اتباعه كما يدل عليه ما تقدم. انتهى. ووجه ذلك أن الهوام تظهر في الليل، فيجوز أن يكون قد أعان على قتله شيء منها بخلاف النهار. نقله الخرشي عن الفاكهاني. ونحوه للشبراخيتي. وقوله:"أو بات"، قال الخرشي: لو رأى الصائد إنفاذ السهم أو البازي مقتله قبل بياته فإنه يؤكل اتفاقا.
أو صدم؛ يعني أن الصيد لا يؤكل إذا صدمه الكلب أي لطمه فمات من صدمته، أو مات من صدمة غير الكلب من الجوارح ولم يحصل في الصيد جرح أي إدماء، وأما إن حصل من صدمته إدماء فإنه يؤكل.
وبما قررت علم أن معنى الصدم تلاطم الأجسام بقوة. والله سبحانه أعلم. ومن الصدم النطح، وفي الشبراخيتي: ونطحه كصدمه. انتهى. أو عض؛ يعني أن الصيد لا يؤكل إذا مات من عض الجارح ولم يحصل فيه جرح أي إدماء وإلا أكل. فقوله: بلا جرح راجع للمسألتين، فلو قال: كإن صدم أو عض بلا جرح لجرى على قاعدته الأكثرية من رجوع القيد لا بعد الكاف، وما مشى عليه المص في هاتين المسألتين هو المشهور، ومقابله لأشهب وابن وهب لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، ولا خلاف في أنه يؤكل في المسألتين إذا حصل جرح، والمعتبر جرح الصيد به، ولا يكفي شق الجلد من غير إدماء إلا في المريض. قاله عبد الباقي. وقد مر أنه إذا شق الجلد سال الدم إلا في المريض، وبذلك صرح عبد الباقي هنا. والله سبحانه أعلم.
وعلم من كلام المص هذا أنه لو مات الصيد في أفواه الكلاب من غير بضع أي شق لم يؤكل، وذلك يشبه ما ذبح بسكين كالَّة فيموت في الذبح قبل فري الودجين وقد مر هذا، وقد علمت أن المعتبر جرح الصيد به، فلو جرح من جريه مثلا أو من خشبة أو نحو ذلك لكان كالوقيذ.