للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو قصد ما وجد؛ يعني أن الصيد لا يؤكل فيما إذا أرسل الصائد سهمه أو جارحه عليه وهو غير مرئي والمكان غير محصور، وقصد الصائد ما وجد أي ما صادفه السهم أو الجارح، ولو كان المكان محصورا أكل بدليل قوله فيما مر: "أو لم ير بغار أو غيضة"، وأشار المص بقوله: "أو قصد ما وجد"، لقول ابن عبد السلام: وأما الإرسال على غير معين ولا محصور كإرساله على صيد يقوم بين يديه فلا خلاف في المذهب أن ذلك لا يجوز. انتهى. وممن صرح بنفي الخلاف فيه الباجي والمازري وابن شاس.

والحاصل أنه إذا أرسل على صيد لم يره لا يؤكل إلا إذا كان المكان محصورا أو كان تبعا لمعين نواه، فالأقسام ثلاثة، وقال الخرشي عن ابن غازي: قاعدة الصيد إن كان معينا أي مرئيا أي معلوما؛ أي ولو بغير الرؤية كان يسمع صوته ونحو ذلك أكِلَ كان المكان محصورا أم لا، فإن لم يكن معينا أي معلوما وكان المكان محصورا كالغار والغيضة: فثالثها (١) الفرق بينهما وإن لم يعين أي لم يعلم ولا انحصر (٢) المكان لم يؤكل باتفاق، يريد وتبع المعين كالمعين أي إذا نواه. انتهى. ثم قال: وظاهر كلامهم أن تبع المحصور أي الذي لم يعلم ليس كالمحصور. انتهى.

أو أرسل ثانيا بعد مسك أول وقتل؛ يعني أن الصيد لا يؤكل فيما إذا أرسل عليه الصائد جارحا فأمسكه ثم بعد إمساك الجارح له أرسل عليه جارحا ثانيا فقتله الثاني أو قتلاه جميعا، وهاتان صورتان، وقوله: "وقتل"، عطف على "أرسل"، وضميره عائد على الثاني، ويصح أن تكون الواو للحال وصاحبها قوله: "ثانيا"، ويلزم عليه تنكير صاحب الحال. قاله الشبراخيتي. وقوله: ويصح أن تكون الواو للحال، لعله يريد الحال المقدرة والله سبحانه أعلم. ومفهوم قوله: "وقتل"؛ أي الثاني أنه لو كان القاتل هو الأول فلا إشكال في الإباحة. والله أعلم. ومفهوم قوله: "بعد مسك أول"، أنه لو أرسل ثانيا قبل مسك أول فأمسك الأول قبل وصول الثاني وقتل الثاني فإنه يؤكل.


(١) في الأصل ثالثها والمثبت من شفاء الغليل، لابن غازي، ج ١ ص ٣٦٥.
(٢) في الأصل احصر والمثبت من شفاء الغليل، لابن غازي، ج ١ ص ٣٦٥.