ذلك. إن قدر؛ يعني أن النحر فيما ينحر والذبح فيما يذبح محل وجوبهما إنما هو مع القدرة، وأما مع الضرورة فيجوز الأمران؛ أي يجوز الذبح فيما ينحر والنحر فيما يذبح، وإلى هذا أشار بقوله: وجاز بالإفراد؛ أي ما ذكر من نحر وذبح، وفي نسخة بألف التثنية أي الذبح والنحر، وكلاهما صحيحة: أما الثانية فظاهرة وكذا الأولى باعتبار ما ذكر. لأجل الضرورة؛ أي يجوز نحر ما يذبح وذبح ما ينحر لأجل الضرورة، وإذا نحر ما يذبح فليكن النحر في اللبة لما في غيرها، والضرورة كوقوع في مهواة وعدم آلة ذبح أو نحر أو جهل صفة لا نسيانها. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: أو جهل صفة الخ، قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر، بل الظاهر أنه لا فرق بين جهل الصفة ونسيانها، وذكر عن التوضيح ما نصه: نص مالك على أنه لو نحر ما يذبح أو بالعكس ناسيا لا يعذر، ونقل عن البيان ما نصه: وقد قيل إن الجهل في ذلك ضرورة. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي عن الشامل ما نصه: ولا يعذر بنسيان وفي الجاهل قولان. انتهى. أي من غير ترجيح، ولعل المراد بالجهل عدم معرفة الذبح فيما يذبح والنحر فيما ينحر لا جهل الحكم، فإنه لا يعذر بد اتفاقا، وإنما عذر بالجهل على الوجه المذكور؛ لأنه بمنزلة فقد آلة الذبح فيما يذبح والنحر فيما ينحر، بخلاف النسيان. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: مثله يقال في نسيان الصفة، فلا يصح الفرق بينهما. انتهى. وفي كتاب الشيخ الأمير ما نصه: وجاز للضرورة كمهواة وعدم آلة لا نسيان وجهل حكم، وفي جهل الكيفية قولان. انتهى.
إلا البقر؛ مستثنى من قوله:"وذبح غيره"؛ يعني أن محل وجوب الذبح في غير إبل إنما هو فيما سوى البقر، وأما البقر فإنه يندب فيه الذبح وليس بواجب. وإنما ندب الذبح في البقر لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}: مع دليل آخر دل على عدم وجوب الذبح فيه، ففي صحيح البخاري في كتاب الذبائح ما يفيد أن البقر تذبح وتنحر. ابن عبد السلام: روي أنه صلى الله عليه وسلم نحر عن أزواجه البقر، وروي: ذبح عن أزواجه البقر، ومن البقر الجاموس وبقر الوحش حيث قدر عليه، والخيل على القول بحلها يجوز فيها الأمران ويندب الذبح كالبقر، وكذا البغال والحمير الإنسية على القول بكراهتها.