للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال البرزلي: ولم يمنع الأطفال من اللعب بالحيوان إذا وقع لبسط نفوسهم وفرحتهم، لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما فعل النغير يا أبا عمير (١))، وإنما يمنع ما كان عبثا لغير منفعة ولا وجه مصلحة. انتهى. فظاهر هذا أن اللعب اليسير مباح فيكون الصيد له مباحا. والله تعالى أعلم. قاله الحطاب.

وأبو عمير هذا ابن أبي طلحة وأمه أم سليم، والنغير قال في القاموس: والنغر كصرد: البلبل وفراخ العصافير، وضرب من الحُمَّر أو ذكورها، جمعه نغران وبتصغيرها جاء الحديث: (يا أبا عمير ما فعل النغير (٢)). انتهى. وفي شرح الشيخ عبد الباقي حرمة الاصطياد لحبسه بقفص ولو لذكر الله، ونظر في الشراء لذلك، وذكر أنه يحرم عتق ما اشتري أو اصطيد لذلك، قال: لأنه من السائبة المحرمة بالقرآن والإجماع. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن بناني: ولا فرق بينهما فتنظيره في الشراء غير ظاهر، وكذا قال في العتق: إن تحريمه فيه نظر، وقال: إن ظاهر كلامهم الجواز، وصرح به ابن عرفة، وما في القرآن العزيز وقع في الأنعام، وأما الصيد فيحتاج إلى نص.

وتحصل مما مر أن حبس البازي أو غيره لتعليمه الاصطياد به جائز، وفي شرح الشيخ عبد الباقي ما نصه: ومثل نية ذكاته نية قنيته لمنفعة شرعية، كتعليمه لذهاب إلى بلد بكتاب يعلق بجناحه أو لينبه على ما يقع في البيت من مفسدة، فلو قال: إلا لغرض شرعي لأفاد ذلك. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: أما حبسه لتعليمه الاصطياد به فجائز، وأما لتعليمه تبليغ الكتاب من بلد إلى بلد كما ذكره الزرقاني فيحتاج في جوازه إلى نص، على تسليم أن ذلك ممكن. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي: وانظر في الغراب الذي يقول: الله حق ويتمعش منه صاحبه عندنا بمصر، هل هذه منفعة شرعية أم لا؟ وهو الظاهر لإمكان التمعش بغير فيمتنع حبسه لذلك. انتهى.

واعلم أن الصيد تعتريه الأحكام الخمسة: يحرم إن ضيع صلاة وقتية، ووجب لإحياء نفس الصائد أو غيره كأن لا يمكنه قوته وقوت عياله إلا بثمنه، وكره للهو عند الإمام مالك، ويباح عند


(١) مسلم رقم الحديث ٢١٥٠.
(٢) مسلم رقم الحديث ٢١٥٠.