وإن لم يقصد وأيس منه فلربما؛ يعني أن الطارد إذا لم يقصد إيقاع الصيد في الحبالة والحال أنه أيس من أخذه؛ بأن أعياه وانقطع عنه وهرب حيت شاء فوقع في الحبالة، فإن الصيد يكون لرب الحبالة ولا شيء عليه للطارد، ولا مفهوم لقوله:"وإن لم يقصد"، بل لو قصدها لكان الحكم كذلك، لكن يبعد مع اليأس قصد الحبالة أو أن الشأن أن لا تقصد حينئذ. وفي الخرشي أن قوله:"ولولاهما"، محله حيث ثبت ذلك إما بمعاينة البينة أو بقول أهل المعرفة وكذا في جميع ما بعده. وانظر لو لم يثبت شيء من ذلك. انتهى. والظاهر أنه يكون بينهما حينئذ على حسب فعليهما لعدم ما يرجح قول أحدهما والله أعلم.
وعلى تحقيق منه بغيرها فله؛ يعني أن الطارد إذا كان قادرا على أخذ الصيد بدون الحبالة تحقيقا، فإن الصيد يكون له أي للطارد دون صاحب الحبالة. اللخمي: ثم ينظر في أجرة الحبالة، فإن لم يرد الطارد الحبالة فلا أجرة عليه لصاحب الحبالة؛ لأن الطارد كان في غنى عنها، وإن كان عالما ورد الصيد إليها كان عليه الأجرة لأنه قصد الانتفاع بها، وقوله:"وأيس منه"، وقوله:"وعلى تحقيق منه بغيرها"، يتعارض مفهوماهما في الشك، فقضية مفهوم الأول أنه للطارد، وقضية مفهوم الثاني أنه لرب الحبالة. وانظر ما الحكم؟
وغلبة الظن كالتحقق فيما يظهر. انظر الخرشي. وقوله: ويتعارض مفهوماهما لخ، الظاهر أنه يكون حينئذ بينهما على حسب فعليهما. والله سبحانه أعلم. كالدار، مشبه بقوله:"فله"؛ يعني أن الصائد إذا طرد صيدا فوقع في دار، فإن الصيد يختص به الطارد ولا شيء لصاحب الدار من الأجرة ولو قصدها الطارد، وسواء أمكنه أخذه بدونها أم لا؛ لأن الدار لم تتخذ للصيد، وقيل: الدار كالحبالة إلا أن ألا يطرده لها فلربها، هذه النسخة بإثبات لا النافية هي الصواب وإسقاطها مفسد للمعنى، وفي بعض النسخ: إلا أن لا يضطره لها وهي صواب أيضا؛ يعني أن الصائد إذا اتبع الصيد ولم يقصد إدخاله في الدار وغلبه الصيد فدخل الدار من غير أن يلجئه الطارد إليها، فإن الصيد يكون لرب الدار يختص به أي مالك ذاتها، ومحل كونه لربها ما لم يتحقق أخذه بغيرها، كما يفهم من قوله:"وعلى تحقيق منه بغيرها"، بالأولى كما ذكره أحمد. قاله عبد الباقي. وقوله:"فلربها"، هذا مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: هو للطارد.