وفي كارم بعض الشراح هنا قلق بين. والله سبحانه أعلم. وعبارة الأمير: وقدم الميتة على ضوال الإبل التي لا تلتقط وعلى الخنزير وعلى صيد للمحرم فيه دخل، فإن نزل وذبحه قدمه، وهو معنى قول الأصل:"لا لحمه".
وطعام غير؛ يعني أن المضطر مسلما أو غيره إذا وجد ميتة وطعام غير فإنه لا يقدم الميتة عليه، بل يقدم طعام الغير على الميتة ندبا كان الغير مسلما أو كافرا إلا ضالة الإبل، فيقدم الميتة عليها للنهي عن التقاطها، ويتعين عليه أكل ضالة الإبل إذا انفردت حفظا للنفس كما مر وإذا أبيح له طعام الغير فهل يقتصر على ما يسد الرمق منه أو يشبع؟ قولان، واتفقا على أنه لا يتزود منه.
وفي الذخيرة: وإذا أكل مال مسلم اقتصر على سد الرمق إلا أن يعلم طول طريقه فيتزود؛ لأن مواساته تجب إذا جاع، وحيث أكل المضطر طعام الغير فلا يضمن قيمته كما نقله المواق عن الأكثر، وظاهره وجد الميتة أم لا، وقيل يضمن القيمة حيث أكل طعام الغير. نقله الشيخ محمد بن الحسن.
وقال الشيخ عبد الباقي: إنه إنما يضمن القيمة مطلقا حيث لم يبح له طعام الغير لوجود ميتة وخاف القطع: وإلا فإنما عليه قيمته إن وجدت بيد المضطر حال الاضطرار، وإلا فلا شيء عليه لوجوب بذل ربه له، وناقشه الشيخ محمد بن الحسن بما حاصله أنه لا ضمان عليه وجد ميتة أم لا. إن لم يخف القطع؛ يعني أن محل كونه لا يقدم الميتة على طعام الغير إنما هو فيما إذا لم يخف أن يعد سارقا فيقطع فيما فيه القطع أو الضرب أو الأذى فيما لا قطع فيه، فإن خاف القطع أو الضرب قدم الميتة على طعام الغير، والحاصل أن ما فيه القطع كغنم المراح يشترط في أخذه أن يعلم أنهم يصدقونه مخافة أن يقطع إن لم يصدقوه، ولا يشترط أن يخفى له ذلك لأن أخذه خفية هو محل القطع، وأما ما لا قطع فيه كالثمر العلق فيشترط في أخذه أحد أمرين: أن يعلم أنه يخفى له ذلك، أو يعلم أنهم يصدقونه مخافة أن يضرب أو يوذى.
وإذا علمت هذا تبين لك أنه يجب عليه الاحتراز من الإذاية أو الضرب فيما لا قطع فيه، كما يجب عليه الاحتراز من القطع فيما فيه القطع، وما يأتي من أن من سرق لجوع لا يقطع محمول على من ثبت أن سرقته لجوع، وقول الشيخ عبد الباقي محمول على من لم يجد ميتة فيه نظر