للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغسله) (١)؛ أي صب عليه الماء بدليل قوله: فأتبعه بالماء، وإنما سقط العرك لأنه لا يحتاج إليه، فإن الرجل الكبير لو بال على ثوب وأتبعه ماء لكان ذلك تطهيرا للمحل، وقال في حديث بول الأعرابي في المسجد (٢)؛ إذا استقرت النجاسة في الأرض صب عليها من الماء ما يغمرها، ويستهلك البول فيها بذهاب رائحته ولونه، وتطهر الأرض النجسة بذلك، وقال الروي: لا تطهر إلا بأن تحفر ويجعل على ظاهرها تراب طاهر، وليس الذنوب تقديرا وإنما هو بحسب غلبة الماء، وغمره للنجاسة واستهلاكها فيه، فإذا بال رجلان في موضع كفى ذنوب واحد. وقال الاصطخري: لكل رجل ذنوب وهو باطل، ولو أهريق على الموضع ماء أو جاء عليه مطر طهر، لأن إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية. انتهى. وقال محمد بن عبد الباقي: في الحديث يعني حديث الأعرابي الذي بال في المسجد المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع لأمره لهم عند فراغه بصب الماء، وتعين أنه، لإزالة النجاسة، وأنه لا يشترط حفرها مطلقا خلافا للحنفية في أنه لابد من حفرها إذا كانت، صلبة، وإلقاء التراب، وفيه أن الاحتراز من النجاسة كان مقررا في نفوس الصحابة، ولذا بادروا بالإنكار بحضوره صلى الله عليه وسلم قبل استيذانه لما تقرر عندهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وفيه جواز التمسد بالعموم حتى يظهر الخصوص. وقال ابن فرحون: نص القاضي أبو بكر على أن الأرض يكفي في تطهيرها صب الماء عليها فقط، وأن البول أو غيره إذا صب عليه الماء متتابعا حتى تحقق زوال النجاسة أنه يطهر ولا يحتاج إلى عصر ولا عرك ابن شعبان: طهور الأرض من البول صب دلو من ماء عليها، ومن أصابه نجس وهطل عليه مطر فاغتسل به طهره ذلك ولو كان جنبا، وقال الأبي في شرح حديث الأعرابي (فدعا بذنوب من ماء فصبه عليه) (٣): فيه أن النجاسة المائعة دون اللزجة يكفي في تطهيرها صب الماء وتتابعه دون دلك، وكما لا يشترط ذلك لا يشترط من الماء قدر معين، بل ما يغمر النجاسة ويغلب عليها. انتهى نقله الحطاب. وقال


(١) عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله. صحيح البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٢٢٣.
(٢) جاء أعرابى فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب، من ماء فأهريق عليه. صحيح البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٢٢١.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٢٢١. - مسلم، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٨٤/ ٢٨٥.