خطمهما نجاسة، ومعناه إذا شربا من الماء اليسير، وأما إذا شربا من الماء الكثير ومن الحوض فلا وجه للكراهة (تعبدا) قال الشيخ محمد بن الحسن: الظاهر أنه مفعول مطلق لعامل محذوف؛ يعني أن غسل الإناء سبعا بولوغ الكلب غير معقول المعنى؛ أي لم يطلع على حكمته مع أن له حكمة، ومعقول المعنى هو ما اطلع على حكمته، وقيل لقذارته: وقيل لنجاسته.
(سبعا) مفعول مطلق لقوله غسل؛ يعني أن الغسل المذكور سبع غسلات، ولا يعد من السبعة الماء المولوغ فيه على الصحيح، ويدل له خبر (فليرقه وليغسله سبعا)(١)، وقيل يعد قاله الشيخ عبد الباقي: وعبارة الشيخ الحطاب: وهل يغسل الإناء بالماء المولوغ فيه؟ في ذلك قولان، ثم نقل عن القزويني وغيره أنه لا يجزئ ونقل عن سند أن المستحب أن لا يغسله به: فإن غسله به فالظاهر أنه يجزئه؛ لأنه إذا توضأ به أجزأه وفي المقدمات أنه على القول بأنه يغسل النجاسة يجوز غسل الإناء به، وعلى التعبد لا ينبغي أن يغسل به إذا وجد غيره، وإن لم يجد غيره فقيل يغسل به كما يتوضأ، وقيل لا، وإن كان يتوضأ به؛ لأن المفهوم من الحديث أن يغسل بغير ذلك الماء، ويجوز على قياس هذا أن يغسل من ماء غيره ولغ فيه كلب. انتهى. وعلى أن الغسل معلل بالقذارة أو النجاسة فكونه سبعات قيل تعبدا، وقيل لتشديد المنع، وقيل لأن بعض الصحابة نهوا فلم ينتهوا، فإن قيل هذا غير لائق بالصحابة، فالجواب أن المراد بعض الأعراب الذين لم يتمكن الإسلام من قلوبهم، والفرق بين تشديد المنع وكونهم نهوا فلم ينتهوا أن الأول تشديد ابتداء، والثاني تشديد بعد تسهيل.
تنبيه قد تقدم أن التعبد هو الذي لم تظهر له حكمة مع أنه لا بد فيه من حكمة، أي نجزم أنه لا بد له من حكمة، وذلك لأنا استقرأنا عادة الله تعالى فوجدناه جالبا للمصالح دارئا للمفاسد، ولهذا قال ابن عباس: إذا سمعت نداء الله فهو إنما يدعوك لخير أو يصرفك عن شر. قاله الحطاب. (بولوغ كلب) متعلق بغسل من قوله: "وندب غسل إناء ماء"، أو بقوله:"ندب"، يعني أنه يندب الغسل المذكور بسبب ولوغ كلب، أي شربه. ومن لازمه تحريك لسانه في الماء: فلو
(١) إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار. مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٧٩.