للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال اللخمي على ثلاثة أقسام، فإن علم بالتحريم استحب إتيانه بطاعة من جنس المحرم، كنذر صوم يوم النحر، وإن ظن فضله سقط قضاؤه، وإن ظن جوازة ففي قضائه قولان.

فائدة: الطاعة امتثال الأمر، واجتناب المنهي عنه، والقربة ما تقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه، والعبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود، فالطاعة توجد بدونهما في النظر المؤدي إلى معرفة الله عز وجل المعبود بالحق، والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق والوقف. انتهى. نقله الشيخ عبد الباقي.

وقوله: "ما ندب" اعلم أن من المندوب زيارة صالح حي، وكذا ميت، وإن أعملت فيه المطي وحديث: (لا تعمل المطي (١)) مخصوص بالصلاة، ولا عبرة بتوقف بعض الناس في زيارد القبور وآثار الصالحين؛ لأنه من العبادات. قاله حلولو في مختصر البرزلي. وكذا خبر: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (٢)) لا دليل فيه لمنع الزيارة؛ إذ المستثنى منه المحذوف تقديره لمسجد من المساجد الخ، بدليل أن المستثنى مساجد والأصل في الاستثناء الاتصال، ويرد على قول المص ندب صوم رابع النحر والإحرام بالحج قبل زمانه أو مكانه؛ إذ كلٌّ مَّكروهٌ مع أنه يلزم بنذره، ويجاب بأن الصوم والإحرام مطلوبان مع قطع النظر عن الزمن، وغير مطلوبين عند ملاحظته، فالنذر يتعلق بهما نظرا للحالة الأولى. ويمكن أن يجاب أيضا بأن في صوم هذا اليوم جهتين، إحداهما أنه ليس يوم عيد ولا يوم نحر عند مالك، ولا يرمي التعجل فيه الجمار، وهذه الجهة تضعف أن يكون من أيام التشريق التي ورد النهي عن صيامها، والثانية يوم ذبح عند بعضهم: ويطلق عليه اسم أيام التشريق ويرمي فيه من يتعجل، وهو من هذه الجهة يشمله عموم النهي عن صيام أيام التشريق، فغلبنا الجهة الأولى لما اقتضى النذر وجوب صيامه؛ لأن الوجوب مرجح على شائبة الكراهة.

ولما لم يعارض الكراهة ما هو أقوى منها قلنا لا يصام تطوعا، وانظر في صلاة بعد فجر وفرض عصر. قاله الشيخ عبد الباقي.


(١) الموطأ، كتاب الجمعة، رقم الحديث، ٢٤٣.
(٢) صحيح البخاري، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، رقم الحديث ١١٤٩، وصحيح مسلم، كتاب الحج، رقم الحديث ٥١١.