للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال جامعه عفا الله تعالى عنه: الظاهر عدم لزوم ذلك لقولهم إن النذر إنما يلزم به ما ندب، وخرج عن ذلك ما نصوا على لزومه منه. والله سبحانه أعلم. وفي الحطاب أن غالب مسائل النذر أو جميعها لا تخرج عن قسمين: الوجوب والتحريم، قال: لأن نذر الطاعة لازم ونذر ما عداها لا يلزم ولا يلزم الوفاء به، كنذر المشي في السوق أو لبس ثوب وشبهه. انتهى. وقوله: "وإنما يلزم به ما ندب هو صريح في أن من نذر محرما لا يلزمه شيء، وهو مخالف لحديث: (لا نذر في معصية (١))، ولمن كفارته كفارة يمين، لكن يوافقه خبر: (لا نذر في معصية ولا فيما لا يملكه ابن آدم (٢)). والله سبحانه أعلم.

وأشار للركن الثالث وهو الصيغة، بقوله: كلله علي أو علي ضحية؛ يعني أن النذر لا يشترط في لزومه أن يأتي بلفظ النذر، بل يلزم بكل لفظ فيه معنى الالتزام، مثل أن يقول: لله علي ضحية، أو يقول علي ضحية، قال ابن الفرس في أحكام القرآن في سورة المائدة: واختلف في المذهب إذا قال لله علي أن أفعل كذا وكذا، أو أن لا أفعل كذا لقربة من القرب، ولم يأت بلفظ النذر، هل يلزم أم لا؟ فعندنا فيه قولان، والصحيح لزومه لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، وفي الحفيد أن حذف لفظ النذر من القول غير معتبر إذا كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر، وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر، وهذا مذهب الجمهور، ومقابله لسعيد بن المسيب أنه لابد من لفظ النذر. قاله الإمام الحطاب.

وقال الشيخ بناني عند قوله "كلله علي أو علي ضحية": أتى بكاف التمثيل إشارة إلى عدم انحصار الصيغة في لله علي، أو علي كذا وهو كذلك، بل يلزم بكل لفظ فيه التزام، وقد قال في المدونة: وإن قال داري أو عبدي أو شيء من مالي مما لا يهدى فهو هدي، أو حلف بذلك فحنث فليبعه ويبعث بثمنه، وقد قال الباجي: مثل أن يقول إن شفى الله تعالى مريضي أو قدم غائبي أو نجاني من أمر كذا فإني أصوم يومين أو أصلي أو أتصدق بكذا. انتهى. وتأمل قول المؤلف: "وعجل الإحرام في أن محرم"، وقوله: بمالي في كسبيل الله، وقوله في آخر الهبة:


(١) سنن النسائي ج ٧ ص ٢٦.
(٢) لا نذر في معصية ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم، سنن ابن ماجه، كتاب الكفارات، رقم الحديث، ٢١٢٤.