وسمع أبو زيد: من نذر إن رزقه الله تعالى ثلاثة دنانير صام ثلاثة أيام فصامها بعد أن رزق دينارين ثم رزق الثالث لم يجزه صومه، ولو نذر إن قضى الله تعالى عنه دينه مائة دينار صام ثلاثة أشهر فصامها بعد أن قضى الله تعالى المائة إلا دينارا ونصفا أرجو أن يجزئه وأفتى به، وضعفه ابن رشد، والقياس عدم إجزائه، ووجه رجائه اعتبار كون التعليق على زوال الدين، ويقوم من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقة أنه يلزمه أن يصوم بقدر ما أدى عنه: فالأقوال ثلاثة. انتهى. قاله الإمام الحطاب.
وقال الشيخ عبد الباقي: وكيفما [صدقت (١)] أحواله لا يقضى به؛ لأنه لا وفاء به له إلا مع النية، فإذا قضى عليه بغير اختياره لم يكن وفاء. قاله الشارح. أي حتى في المعلق على محبوب لمعين. انتهى. قال الشيخ بناني: وفيه نظر، بل يجب أن يستثنى من ذلك -كما في الحطاب- عتق المعين أو الصدقة بعتق في غير اليمين لمعين، فإنه يقضى بهما، ويأتي للمص في العتق:"ووجب بالنذر ولم يقض إلا ببت معين"، ويأتي في الهبة:"وإن قال داري صدقة بيمين مطلقا أو بغيرها ولم يعين لم يقض عليه بخلاف المعين". انتهى.
وفي حاشية الشيخ بناني ما نصه: لما لم يخرجها -يعني اليمين- المص من تعريف النذر كما فعل ابن عرفة دل على أنها عنده نذر. انتهى. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: ثم التردد في المعلق على غير المحرم ظاهر، وأما عليه ففي التلقين أنه لازم إن وجد، كإن زنيت أو إن لم أزن فلله علي صدقة بدينار، ولا يشكل مع قول المص وإنما يلزم به ما ندب لأنه نظر لندب التصدق بدينار لا لما علق عليه على طريقة ما مر في رابع النحر. انتهى. وقال الشبراخيتي: وعلى كل من الأحوال الثلاثة فهو لازم. انتهى يعني حال الإطلاق وحال التكرير وحال التعليق.
ولزم البدنة بنذرها؛ يعني أن من نذر هدي بدنة لزمه إخراجها لله تعالى، سواء كان نذره معلقا أم لا، والبدنة هي الواحدة من الإبل ذكرا كان أو أنثى، ويجوز في لزم إثبات التاء كما في بعض النسخ وحذفها كما في بعضها أيضا؛ لأن البدنة تطلق على الذكر والأنثى، فليس بمؤنث حقيقي والله أعلم. قاله الإمام الحطاب. وقوله:"ولزم البدنة"، علم من قوله:"وإنما يلزم به ما ندب"،
(١) في ك صدرت وفى مايابى صدرحت والمثبت من عبد الباقي ج ٣ ص ٩٤.