لم يكن في المسلمين كفاية لجميعها، وإلا وجب سد الجميع. هذا تحرير المسألة. والله سبحانه أعلم.
كل سنة؛ يعني أن الجهاد يجب وجوب كفاية في كل سنة مرة يوب الإمام طائفة ويخرج بنفسه معها أو يخرج بدله من يثق به ليدعوهم للإسلام ويرغبهم فيه ويكف أذاهم ويظهر دين الله تعالى ويقاتلهم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية، وقوله:"كل سنة"، هذا إذا لم يعاجلونا وكان العدو مأمونا، وإلا قوتلوا بقدر دعاء الحاجة إلى ذلك، وقوله:"كل سنة" منصوب على الظرفية عامله "فرض" أو"الجهاد". قاله الشيخ إبراهيم.
وبما قررت علم أن الجهاد واجب وجوب كفاية، سواء كان الخوف في جهة واحدة أو أكثر، ولذلك كان قوله:"في أهم جهة"، متعلقا بيكون مقدراة ولما يتقيد وجوبه وجوب كفاية بكون الخوف في أكثر من جهة، بل هو واجب وجوب كفاية مطلقا، سواء كان الخوف في جهة أو أكثر. والله سبحانه أعلم.
وإن خاف محاربا؛ يعني أن الجهاد فرض كفاية، وإن كان المجاهدون يخافون في طريقهم من المحاربين واللصوص فلا يسقط فرضية الجهاد خوف محارب أو لص؛ لأن قتالهم أهم، ابن شعبان: وقطعة الطريق مخيفو السبيل أحق بالجهاد من الروم؛ أي فإذا كان قتالهم نفس الجهاد لم يتصور أن يعد مسقطا له؛ لأنه بقتالهم يؤدي ما وجب عليه من الجهاد، وفي المدونة: جهاد المحاربين جهاد، وقال ابن عبد السلام: قتالهم أفضل من قتال الكفار، وصوب، وقال ابن ناجي: المشهور أنه ليس بأفضل، وهذا الذي قررت به كلام المص هو الظاهر، وليس معناه إذا كان العدو في جهة والمحارب في جهة وخيف من المحارب عند الاشتغال بقتال العدو: فإن هذا غير ظاهر. انظر حاشية الشيخ بناني. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ الأمير: وقدم؛ يعني جهاد العدو على المحاربين إلا أن يشتد خطرهم عنه على قاعدة أخف الضررين.
كزيارة الكعبة؛ يعني أن زيارة الكعبة أي إقامة الموسم بالحج تجب كك سنة وجوب كفاية، فإقامة الموسم هي إقامة نسك الحج؛ لأن زيارة الكعبة بلا إقامة الموسم ليست فرضا، فيجب على الإمام أن يرسل جماعة في كل سنة لإقامة الموسم إن كان إمام، وإلا فعلى جماعة المسلمين، ولا