يكتفى بزيارة الكعبة بطواف فقط أو عمرة، ولما تسقط بخوف المحاربين لأن كل الناس يخاطبون بقتال المحارب وإقامة الموسم، فلا تسقط زيارتها بالمعنى المتقدم في كل عام من الأعوام إلا من عذر لا يستطاع معه الوصول إليها نعوذ بالله تعالى من ذلك.
وعبارة الشيخ الأمير: كإقامة نسك الحج، قال في الشرح: فرض كفاية كل سنة، فإن لم يقم به أحد وجب على الإمام تعيين طائفة يظهرون الشعيرة، وأفرد المص قوله:"كزيارة الكعبة" عن نظائره الآتية لاشتراكه مع الجهاد في الفريضة وفي كونه كل سنة، بخلاف بقية النظائر. والله سبحانه أعلم. فإن أقيم الموسم من جمع ولحقهم شخص في الوقوف بعرفة فقد دخل معهم قياسا على مدرك تكبيرة من الجنازة، فإنه يوي الفرض لأنه لا يتحقق القيام بفرض كفايتها إلا بسلامها. قاله الشيخ عبد الباقي.
وبها قررت علم أن قوله: فرض كفاية، خبر عن قوله:"الجهاد"؛ يعني أن الجهاد فرض كفاية كل سنة مرة كما تقدم، فليس هو مما يجب مرة في العمر، بل حكمه باق في كل عام، فيجب على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو كل سنة مرة، يخرج بنفسه معهم أو يخرج معهم من يثق به ليدعوهم إلى الإسلام ويرغبهم فيه ويكف أذاهم ويظهر دين الله تعالى عليهم، وما ذكره المص من كون الجهاد فرض كفاية كل سنة هو الذي عليه الجمهور، وحكى ابن رشد وابن الحاجب عليه الإجماع لقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} لوعده القاعد والمجاهد الحسنى، ولو كان على الأعيان كما قاله ابن المسيب وغيره لكان القاعد بلا ضرورة عاصيا، واحتج لقول ابن المسيب بقوله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}. الآية. وجوابه أنه منسوخ بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}. الآية. وقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إلى: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}، فلو كان واجبا على الأعيان لما وعد القاعد الحسنى، ولم تزل الأمة بعده صلى الله عليه ولمملم تنفر بعضا دون بعض، وقال سحنون: ليس بواجب بعد الفتح البتة إلا أن يأمر الإمام فيجب الامتثال، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا (١))، فعلق الوجوب على الاستنفار، وجوابه أن تعليقه لا يأبى