وجوبه بدونه بدليل منفصل، وهو قوله تعالى:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} وغيره من النصوص، وقوله:"فرض كفاية"، قال الشيخ عبد الباقي: ما لم تكن أطراف البلد آمنة فالجهاد مندوب، قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر، بل ظاهر كلامهم أنه فرض كفاية مطلقا، ونقل عن ابن عبد البر أنه نافلة مع الأمن، لكن قد علمت أن الأول أقوى. انتهى. وقال الشيخ إبراهيم: فإن قيل كيف غضب صلى الله عليه وسلم على الثلاثة الذين خلفوا مع أنه فرض كفاية؟ فالجواب أنه كان فرض عين على الأنصار لمبايعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فكان تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة. قاله السهيلي في الروض الأنف. في حديث الثلاثة عن ابن بطال. وأما ما ورد من أن سحنونا قال: أردت الغزو فنهاني ابن القاسم فلرجحان المعلم له على الجهاد كما قال ابن عرفة، أو لأنه علم أنهم كانوا لا يغزون على الصواب؛ أي لا يقع من الفساد أو الخيانة والغلول ولا يحافظون على الصلوات في أوقاتها كما قال ابن رشد. انتهى. وقوله:"فرض كفاية"، وكذلك قتال المحارب فرض كفاية يخاطب به كل الناس، فإذا قيم به سقط الوجوب عن غير من قام به.
ولو مع وال جائر؛ يعني أن الجهاد من فروض الكفاية ولو مع ولاة الجور الذين لا يضعون الخمس موضعه، قال فيها: ولا بأس بالجهاد مع ولاة الجور. ابن أبي زيد: ويقاتل العدو مع كل بر وفاجر من الولاة، وإنما وجب مع الوالي الجائر ارتكابا لأخف الضررين؛ لأن الغزو معه إعانة له على جوره وتركه معه خذلان للإسلام ونصرة الدين واجبة، وكذا يجب مع ظالم في أحكامه أو فاسق بجارحة لا مع غادر ينقض العهد، فلا يجب معه على الأصح، وفي الحديث:(لكل غادر لواء عند استه يعرف به يوم القيامة (١)).
وغزا أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه مع يزيد بن معاوية بعد أن توقف ثم ندم على توقفه، وممن قال بالغزو معهم عبد الرحمن بن يزيد والنخعي ومجاهد والحسن وابن سيرين وطاووس وسالم بن عبد الله وأبو حنيفة وعمار بن عمير، وقيل لابن عباس: أغزوا مع إمام لا يريد
(١) صحيح البخاري، كتاب الحيل، رقم الحديث، ٦٩٦٦، وصحيح مسلم، كتاب الجهاد، والسير بلفظ لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة ١٧٣٨ - ١٧٣٧.