بذلك عن الإناث فإن الجهاد ساقط عنهن، رابعها أشار إليه بقوله: قادر؛ يعني أنه ينضم إلى الأوصاف الثلاثة القدرة على الجهاد، واحترز بذلك عن العاجز فإن الجهاد ساقط عنه، وسيأتي للمص التصريح بمفهوم هذه الأمور، وأما الإسلام فقد صرح غير واحد بأنه لا يعد شرطا بل يجب على الكافر، فهو داخل في كلام المص، بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهو الصحيح، وممن صرح بذلك الشيخ عبد الباقي، وقال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر وإن قاله غيره كيف؟ وقد عد ابن رشد الإسلام من شروط الوجوب كما نقله المواق. انتهى.
وعلم من المص أن من فقد منه أحد الأمور الأربعة يسقط عنه الجهاد وهو كذلك كما علمت، ثم شبه بالجهاد في فرضية الكفاية نظائر لا بقيد كل عام، فقال: كالقيام بعلوم الشرع؛ يعني أن طلب المعلم والتفقه في الدين من فروض الكفاية، فيجب وجوب كفاية على من فيه أهلية أن يقوم بعلوم الشريعة غير العينية من فقه وأصول وتصوف كما لميارة، وإجماع وخلاف وحديث ومعرفة رواته وتفسير وعقائد وما تتوقف عليه كنحو ولغة، والمراد بالقيام بعلوم الشريعة حفظها وإقراؤها وقراءتها وتحقيقها وتهذيبها، وتعميمها إن قام دليل على تعميمها وتخصيصها إن قام دليل على تخصيصها، ويدخل في القيام بها حفظ القرآن العزيز سوى الفاتحة فإن حفظها فرض عين كما قاله الشيخ ميارة وغيره، وقوله: من فيه أهلية، دخل فيه النساء فيجب على المتأهلة منهن القيام بعلوم الشرع كما كانت عائشة ونساء تابعات، وفسر بعضهم قوله:"كالقيام بعلوم الشرع"، بأنه تعلم المسائل في أي فن من علوم الشرع، "والفتوى" بأنه تعليمها ليلا يقع التكرار في كلام المص.
واعلم أن الواجب العيني لا ينحصر في معرفة باب معين، بل يجب على كل مكلف أن لا يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه ولو بالسؤال عنه، قال الشيخ عبد الباقي: ومما يتوقف عليه عند بعض غير المالكية منطق، واستدل على ذلك بكلام لشرح المطالع وبقول السيد في حاشيته إنه إما فرض عين لتوقف معرفة الله تعالى عليه كما ذهب إليه جماعة، وإما فرض كفاية لأن إقامة شعائر الدين بحفظ عقائده ولا تتم إلا به كما ذهب إليه آخرون. انتهى.