للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشيخ محمد بن الحسن: شارح المطالع هو القطب الرازي، ومحشيه السيد الجرجاني وليسا مالكيين بل ليسا من الفقهاء، وحينئذ فلا يحتج لوجوب المنطق بكلامهما، فالصواب إسقاط ذلك، وما ذكره السيد من توقف العقائد على المنطق وتوقف إقامة الدين عليها غير صحيح.

وقد قال الغزالي في الإحياء: ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وجميع أهل الحديث من السلف إلى أن علم الكلام والجدل بدعة وحرام، وأن العبد أن يلقى الله تعالى بكل ذنب خير له من أن يلقاه بعلم الكلام، ونهى عن قراءة النطق الباجي وابن العربي وعياض، وقال الشاطبي في الموافقات في القضايا الشرعية: إن علم المنطق مناف لها، وقال في الإحياء: معرفة الله سبحانه لا تتحصل من علم الكلام بل يكاد الكلام يكون حجابا عنها ومانعا منها، وقال أيضا: ليس عند المتكلم من الدين إلا العقيدة التي يشاركه فيها العوام، وإنما يتميز عنهم بصنعة المجادلة، وحينئذ فإن لم يكن المنطق منهيا عنه فلا أقل أن يكون جائزا. انتهى. كلام الشيخ محمد بن الحسن. والله سبحانه أعلم.

والفتوى؛ يعني أن الفتوى من فروض الكفاية، والمراد بها تعليم المسائل في أي فن من فنون الشرع، والمراد بالقيام بعلوم الشرع تعلمها كما مر ذلك فهو من عطف أحد المتقابلين على الآخر، خلاف ما قدمته أول الحل عند قوله: "كالقيام بعلوم الشرع"، ويحتمل أن يريد بالفتوى ما هو المتعارف من تعريف المسائل الفقهية، وأن يراد بالقيام بها المتعلم والتعليم فيكون من عطف الخاص على العام، وقوله: "والفتوى" دليله قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية، وقال عليه الصلاة والسلام: (بلغوا عني ولو آية (١) وعنه: (أولا (٢) يبلغ الشاهد الغائب (٣) وعن أبي ذر: لو وضعت الصمصامة على هذا -وأشار إلى قفاه- ثم ظننت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يجهزوا علي لأنفذتها (٤).


(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث ٣٤٦١.
(٢) في البخاري ومسلم: ألا ليبلغ الشاهد الغائب.
(٣) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، رقم الحديث ٧٤٤٧. صحيح مسلم، كتاب القسامة، رقم الحديث، ١٦٧٩.
(٤) وقال أبو ذر لو وضعتم الصمصامة على هذه -وأشار إلى قفاه- ثم ظننت أني أنفد كلمة سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن
تجيزوا علي لأنفذتها. البخاري، كتاب المعلم، باب المعلم قبل القول والعمل.