للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضرر عن المسلمين؛ يعني أنه يجب وجوب كفاية دفع الضرر عن المسلين ومن في حكمهم من أهل الذمة، فقوله: "والضرر"؛ أي دفع أو رفع الضرر فهو على حذف مضاف، ومن دفع الضرر إطعام جائع وستر عورة حيث لم تف الصدقات ولما بيت المال بذلك، ومنه تخليص غريق، وإذا أخذ لص مال غيرك وسلمت أنت فحق عليك معاونته، وورد في منتقم منه لعله رءا مظلوما فلم ينصره، ويجب على كل من قدر على دفع مضرة أن يدفع جهده ما لم يخف مضرة، وخوف العزل عن الخطة ليس من المضرة ويدخل في دفع الضرر ما مر من المواساة وهذا أهم، ويدخل فيه أيضا التمريض فهو فرض كفاية، وقد مر قول ابن عرفة: حضور المحتضر وتمريضه فرض كفاية أي حضوره لغير تمريض، وكذا يجب لقط طفل نبذ وحضانته ونفقته إن لم يعط من الفيء وعيادة المرضى، والتوثيق وهو كتب الوثائق وضيافة الوارد والرباط في ثغور المسلمين وسدها وحياطتها ودفع الصائل ونصيحة المسلم وتشميت العاطس. وفي بعض النسخ: والدرء أي الدفع، وهي أولى. والقضاء؛ يعني أن القضاء من فروض الكفاية وهو إنشاء الحكم. قال في الجواهر: والقضاء والقيام بالإمامة من فروض الكفاية لما فيه من مصالح العباد من فصل الخصومات ورفع التهارج وإقامة الحدود وكف المظالم ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحكم بالعدل أعلى درجات الأجر وهو من عمل البر، قال الله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وقال عليه الصلاة والسلام: (المقسطون على منابر من نور يوم القيامة (١)). والشهادة؛ يعني أن الشهادة من فروض الكفاية أداء وتحملا، فيجب تحملها إن احتيج إليه كما سيقول المص، "والتحمل إن افتقر إليه فرض كفاية"، ومحل كون التحمل فرض كفاية إن وجد أكثر من النصاب وإلا تعين التحمل على النصاب. قاله الشيخ عبد الباقي. وكذا يجب أداؤها وجوب كفاية حيث كان التحملون أكثر من نصاب، وفي الكتاب العزيز: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}، وفيه: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}، قيل: ليشهدوا في الابتداء وليؤدوا في الانتهاء، وقال إمامنا مالك وغيره: إنما ذلك أن يدعى لأداء ما شهد به قبل ذلك، قال مالك: وأما قبل أن يشهد فأرجو أن يكون في سعة إذا كان ثم من يشهد، وقال الشيخ الأمير


(١) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، رقم الحديث، ١٨٢٧.