للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتل هؤلاء الأصناف السبعة أن إتلاف النفوس لا يباح إلا مع ما يقتضي رفع المفسدة ومن لا يقاتل ولما هو أهل للقتال في العادة ليس في إحداث الضرر كالمقاتلين، فرجع إلى الأصل فيهم وهو المنع من قتلهم لا لفضل ترهب الراهب، بل هو أبعد عند الله تعالى من غيره، وفي الحديث: (لا تقتلوا أهل الصوامع (١)): وفيه: (الآدمى بنيان الرب ملعون من هدم بنيان الرب (٢))، واستثناء هؤلاء الأصناف السبعة يفيد قتل الأجراء من الكفار والحراثين وأهل الصناعات وهو كذلك على أحد قولين، والآخر لا يقتلون وهو المشهور كما في حاشية الشيخ بناني، ومحل هذا الخلاف حيث لم يخش منهم وأمنت جهتهم، وفي الحطاب: وأما ذوو الأعذار من الزمنى والمرضى والعميان والشّلِّ والعُرْج، فإن خشي منهم في الحال لما يكون من [خيانة (٣)]، غيرهم وعلمهم بمصالح الحرب فلا خلاف أنهم يقتلون جميعا، وإن كان لما يتوقع منهم في ثاني حال، فأما المريض فإن كان شابا فالنظر فيه إلى الإمام كسائر الأسرى، وإن كان شيخا فلا يقتل إذا كان صحيحا فكيف إذا كان مريضا، وأما من عداهم من سائر الزمنى وذوي الأعذار فقد اختلف المذهب في جواز قتلهم على قولين بعد الاتفاق على جواز أسرهم.

وترك لهم الكفاية فقط؛ يعني أن الرهبان وكذا غيرهم ممن لا يقتل إذا رأى الإمام إطلاقهم والمن عليهم -إذ الرهبان لا يسبون حتى يطلقوا- يترك لهم ما يكفيهم لظن اليسرة، قال الشيخ عبد الباقي: من مال الكفار، ويقدم مالهم على مال غيرهم، فإن لم يكن للكفار مال وجب على المسلمين مواساتهم. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: قول الزرقاني: من مال الكفار، غير صحيح وصوابه من مالهم فقط. انتهى.

استغفر قاتلهم؛ يعني أن من قتل أحدا من هذه الأصناف التي لا يجوز قتلها قبل أن يصير مغنما لا شيء عليه من دية ولا كفارة، ولكن عليه أن يتوب إلى الله سبحانه. واعلم أن كل من لا يقتل يجوز سباؤه إلا الراهب والراهبة، وقوله: "واستغفر قاتلهم"، قال الشيخ إبراهيم: ولا شيء عليه من دية ولا كفارة، والمراد بالاستغفار حيث أطلقه الفقهاء التوبة بشروطها، وهذا فيما عدا


(١) مجمع الزوائد، ج ٥، ص ٣١٩، وسنن البيهقي، ج ٩ ص ٩٠.
(٢) التيسير للمناوي، ج ٢، ٨٤٢، ص ٤٣٥.
(٣) في النسخ نجابة والمثبت من مناهج التحصيل ج ٣ ص ٢٥.