للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذم السبي النكاح؛ يعني أنا إذا سبينا زوجين كافرين فإن ذلك السبي يهذم النكاح بينهما سبيا معا أو مترتبين أو سبيت هي قبل إسلامه وقدومه بأمان، أو قبل إسلامه وبعد قدومه بأمان أو سبي هو فقط. فينهذم النكاح بينهما في هذه الأقسام، وعلى السبية الاستبراء بحيضة ولا عدة عليها لأنها أمة يحل للسابي وطؤها بعد حيضة الاستبراء، ولا فرق في انهذام النكاح فيما إذا سبيا مترتبين بين أن يكون حصل إسلام بين سبيهما، وبين أن يكون حصل بعده مطلقا أي منه أو منها، كما أنه لا فرق بين انهذامه أيضا إذا سبيت هي قبل إسلامه وقدومه بأمان بين أن يبقيا على كفرهما وبين أن يسلما بعد سبيهما، ولو تقدم إسلامه على إسلامها.

والحاصل أن السبي يهذم النكاح سبيا معا أو مفترقين قدم أحدهما بأمان أم لا، ولا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد؛ هذا هو المشهور، وقيل: يقر عليها فيما إذا سبيت قبل إسلامه وبعد قدومه بأمان إن أسلم وأسلمت أو عتقت في العدة، وفيما إذا بقي هو ثم أسلم في عدتها مطلقا كبعدها إن لم تسلم ولها الخيار فيهما إذ هي حرة تحت عبد السابي.

ألا أن تسبي وتسلم بعده؛ يعني أن الحكم على ما ذكر إلا في صورة واحدة، وهي أن يكون سبيها وإسلامها وقعا بعد إسلام زوجها حربيا أو مستأمنا، فلا يهذم السبي النكاح بل يكون زوجها أحق بها لأنها أمة مسلمة تحت مسلم، وهذا الاستثناء مقيد بأن يكون الزوج أسلم من غير سبي وهو في دار الحرب أو مؤمن، وبما إذا أسلمت قبل حيضة، وبما إذا لم يبعد ما بين إسلامها وإسلامه، ومثل إسلامها عتقها، وقوله: "بعده"، يتنازعه الفعلان، وقوله: "وهدم" بدال مهملة ومعجمة، ومعنى هذم بمعجمة: قطع بسرعة، وبمهملة: أسقط ونقض، والضمير في قوله: "بعده"، يعود على إسلام الزوج، وقوله: "وهذم السبي النكاح"، الأصل فيه ما روى ابن وهب عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: أصبنا سبيا يوم أوطاس ولهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فاستحللناهن أي أن المحصنات وهن ذوات الأزواج محرمة عليكم إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي، فإن ذلك يهذم النكاح.