للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة: اعلم أنه لا يجوز على الأنبياء جنون وإن قل زمنه، ولا إغماء طويل فيما جزم به البلقيني: ولا عمى كما ذكره السبكي فلم يعم نبي قط، وما روي في شعيب لم يثبت، ويعقوب كان به غشاوة وزالت، أو أنه استحال السواد بياضا كما أشير إليه بقوله تعالى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ}، وكان يدرك بهما. فقوله تعالى: {فَارْتَدَّ بَصِيرًا}؛ أي عن حالة البياض. قاله الشيخ عبد الباقي.

واعلم أن المص رحمه الله أتبع الجهاد بالنكاح لأنه يشاركه في معناه لغة وهو الجهد والمشقة، لخبر: (إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صلاة ولا صوم ولا جهاد إلا السعي على العيال (١))، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وافتتحه بذكر شيء من الخصائص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خص في باب النكاح بخصائص متعددة لم يجتمع مثلها في باب من أبواب الفقه، وبدأ المص بذكر الواجب عليه، فقال:

خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجوب الضحى؛ يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص عن أمته أي انفرد عنها بجميع هذه الخصائص فلم يشاركوه في فرد من أفرادها، ويحتمل خص عن غيره من الأنبياء بكلها ويشاركونه في بعضها، وبدأ المص من الأقسام الخمسة بالواجب عليه دون غيره، فمما خص النبي صلى الله عليه وسلم بوجوبه الضحى أي الصلاة في وقت الضحى، والواجب عليه أقل الضحى وهو ركعتان، لخبر: (كتب الله علي ركعتي الضحى وهما لكم سنة (٢) ولخبر: (ثلاثة هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى (٣))، وأكثر ما روي عنه منها ثمان ركعات، وروي أنه صلاها أربعا، وأما اثنتا عشرة فلم ينقل، وقوله: "بوجوب الضحى"، هو خلاف مذهب الجمهور، ومذهب الجمهور أنها مستحبة له صلى الله عليه وسلم لا واجبة عليه، قال الشيخ عبد الباقي عند قوله "بوجوب الضحى" ما نصه: شاذ، والجمهور أنه مستحب. انتهى. وقال الشيخ


(١) الإتحاف، ج ٣ ص ٣١٥. ومجمع الزوائد، ج ٤ ص ٦٣.
(٢) التلخيص الحبير،
(٣) سنن البيهقي، ج ٢ ص ٤٦٨. ومسند الإمام أحمد، ج ١ ص ٢٣١.