للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. الآيات. ثم أهوى بيده إلى القربة فأخذ سواكا فاستن به، ثم توضأ ثم صلى ثم نام ثم استيقظ فصنع كصنعه أول مرة، ويرون أنه التهجد الذي أمره الله عز وجل به. قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}. وليس في الآية ما يدل على عدم الوجوب؛ إذ يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم زيد عليه دون غيره وجوب التهجد كما قال ابن عبد السلام. وفي المسألة أقوال: جمهور العلماء على أن الأمر بقيام الليل أمر ندب لجميع الناس، وقيل: بالوجوب على جميع الناس ثم نسخ، وقيل: كان فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وبقي كذلك حتى توفي، وقيل: غير ذلك، ذكر ذلك ابن عطية وغيره. والله أعلم. قاله الحطاب. الثعلبي في قوله تعالى {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}: أي قم بعد نومك وصل، قال المفسرون: لا يكون التهجد إلا إذا نام. انتهى. قاله الحطاب. وقال عبد الباقي عند قوله "والتهجد": نفل الليل، لقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} في أي زيادة لك على الفرائض. قاله التتائي. انتهى. أي فليس فيه دليل لعدم وجوبه وهو صلاة بعد نوم على المختار. انتهى. وقال الشبراخيتي عند قوله "والتهجد": هو صلاة الليل.

قال الأقفهسي: واختلف في صفة التهجد على ثلاثة أقوال، أحدها: أنه النوم ثم الصلاة، الثاني: أنه الصلاة بعد النوم، الثالث: أنه الصلاة بعد العشاء. انتهى. والمختار أنه الصلاة بعد العشاء وبعد النوم، ثم قال: وكان التهجد أولا واجبا عليه وعلى أمته حولا كاهلا، ثم نسخ وجوبه. انتهى. والفرق بين القول الأول والثاني في كلام الأقفهسي واضح كما لا يخفى. والله سبحانه أعلم.

والوتر؛ يعني أنه صلى الله عليه وسلم مخصوص بوجوب الوتر؛ فيجب عليه دون غيره من أمته، وقلى تقدم دليله وهو حديث: (ثلاث علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى (١) وقوله: "والوتر"، قال الشبراخيتي: ولم ينسخ على الأصح؛ يعني وجوب الوتر،


(١) سنن البيهقي، ج ٢ ص ٤٦٨. مسند أحمد، ج ٢ ص ٢٣١.