كحرمته حيا، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر أن لا يرفع صوته عليه ولا يعرض عنه، لقوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} الآية، وكلامه من الوحي: وله من الحرمة مثل ما للقرآن إلا في معان مستثنيات.
ويكره رفع الصوت في مجالس العلماء لأنهم ورثة الأنبياء، ويكره رفع الصوت عند قبره الشريف، ويكره قيام قارئ حديثه لأحد، بل قيل: تكتب عليه خطيئة. قاله الحطاب وغيره.
وندائه من وراء الحجرات؛ يعني أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز لأحد أن يناديه من وراء الحجرات أي المحل المحجور، وهو الموضع الذي يحتجب فيه عن الناس بحائط ونحوه؛ لأنه إنما كان يحتجب عنهم في أشغاله المهمة، فإزعاجه عن تلك الحالة سوء أدب، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، وما تقدم من التعليل يفيد أن نداءه من وراء الحجرات إذا لم يكن على الوجه المذكور لا يحرم، كأن يناديه من لا يحصل له بندائه إزعاج كخادمه. انظر شرح عبد الباقي.
وباسمه؛ يعني أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز لأحد أن يناديه باسمه غير مقترن بما يدل على التعظيم، فيقول: يا محمد، بل يقول: يا نبي الله، يا رسول الله، وحرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا، فلا ينادى باسمه بعد موته غير مقترن بالتعظيم عند قبره أم لا، فإن اقترن بما يدل على التعظيم جاز، ففي خبر ابن فديك: بلغنا أن من وقف عند قبره صلى الله عليه وسلم، فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} صلى الله عليك يا محمد سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك وسلم يا فلان لم تسقط لك اليوم حاجة. قاله الحطاب. قال عبد الباقي: وانظر هل مثل ذلك الشفاعة يا محمد أم لا؟ ومثل ندائه باسمه نداؤه بكنيته كما قال ابن حجر أخذا من قوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، وحينئذ فلا يقال للكنية: تعظيم، فالأوجه جواز ندائه بكنيته لأنا نقول: مقتضى الآية الكريمة أن لا ينادى بكنيته لأنهم كانوا يدعون بها بعضهم بعضا. قاله غير واحد.