للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدم التفاته يعني أنه يندب لقاضي الحاجة بعد جلوسه للحاجة ومتعلقها وهو الاستنجاء، أن لا يلتفت، وأما قبل جلوسه فيندب له أن يلتفت يمينا وشمالا، وندب أيضا عدم نظره للسماء، وعدم العبث بيده، وعدم نظر الفضلة، وأن لا يشتغل بغير ما هو فيه. قيل: من أدام النظر إلى ما يخرج منه ابتليَ بصفرة الوجه، ومن تفل على ما يخرج منه ابتليَ بصفرة الأسنان، ومن تمخط عند قضاء الحاجة ابتليَ بالصمم. وفي كتاب الشيخ الأمير: وترك الالتفات والكلام، ويورث الصمم فلا يشمت ولا يحمد ولا يجيب مؤذنا ولا مسلما ولا بعد الفراغ على الأظهر كالمجامع بخلاف الملبي والمؤذن، ويرد المصلى بالإشارة. انتهى. وقوله: "وعدم التفاته" قد علمت أنه بعد القعود، وأما قبله فيندب التفاته يمينا وشمالا كما مر. قال الإمام الحطاب: وذلك -والله أعلم- ليلا يكون هناك شيء يؤذيه، فإذا رآه بعد جلوسه قام وقطع عليه بوله، وربما نجس عليه ثيابه. وفي الزاهي: ولا يجلس حتى يلتفت يمينا وشمالا؟ ونحوه لابن العربي. وعد في المدخل من الآداب أن لا يقعد حتى يلتفت يمينا وشمالا انتهى.

وذكر ورد بعده يعني أنه يندب لقاضي الحاجة أن يقول بعد الفراغ من قضاء الحاجة الذكر المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم غفرانك الحمد لله الذي سوغنيه طيبا وأخرجه عني خبيثا (١))، وبذلك سمي نوح عبدا شكورا. ذكره ابن مرزوق. قاله الشيخ عبد الباقي. وروى الحاكم وصححه ابن خزيمة عن سلمان قال: (كان نوح إذا لبس ثوبا أو طعم طعاما حمد الله فسمي عبدا شكورا (٢))، ولعل الحمد على إخراجه خبيثا دون مجرد إخراجه، لأن خروجه غير خبيث يدل على المرض. وقوله: غفرانك؛ أي أسألك، أو اغفر غفرانك. ونقل الإمام الحطاب أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج من الخلاء: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني (٣) وربما قال: (غفرانك (٤)). رواه أبو داوود. وقال في الرسالة: وعند الخلاء يقول: الحمد لله الذي رزقني لذته، وأخرج عني مشقته وأبقى في جسمي قوته، واستحب بعض الشافعية تكرير غفرانك


(١) عارضة الأحوذي، ج أص ٤٧.
(٢) المستدرك، ج ٢ ص ٣٦٠.
(٣) سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣٠١.
(٤) أبو داود، كتاب الطهارة، الحديث: ٣٠.