للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستعاذته صلى الله عليه وسلم واستغفاره لتعليم أمته، وقد ثبت أن الموكل به أسلم. قاله الشيخ عبد الباقي. ويقرأ النِّجس بكسر النون وسكون الجيم موافقة للرجس. قاله الشيخ ايراهيم. وحكمة تقديم هذا الذكر ما روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله (١)). قال الإمام الحطاب: والخلاء بالفتح والمد: الموضع الذي ليس فيه أحد، ثم نقل لموضع قضاء الحاجة، والستر هنا بكسر السين، وخص هذا الموضع بالاستعاذة لوجهين: أحدهما أنه خلاء، وللشيطان بعادة الله عز وجل وقدرته تسلط بالخلاء ليس له في الملإ، قال صلى الله تعالى عليه وسلم: (الراكب شيطان والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب (٢)). ثانيهما أنه موضع قذر ينزه ذكر الله فيه عن جريانه على اللسان؛ فيغتنم الشيطان عدم ذكره: لأن ذكر الله يطرد الشيطان، فأمر بالاستعاذة قبل ذلك ليعقدها عصمة بينه وبين الشيطان حتى يخرج. قاله الإمام الحطاب. قال غير واحد: وأخر المصنف قوله: "وقبله" ليرتب عليه قوله: فإن فات ففيه يعني أنه إذا فات الذكر الذي يقال قبل الدخول في موضع قضاء الحاجة، فإنه يقوله في المحل الذي يريد قضاء الحاجة فيه، ومعنى الفوات أن يدخل موضع الخلاء، والحال أنه لم يقله، وهذا ما لم يخرج منه شيء فيمنع منه حينئذ؛ أي يكره كما عليه اللخمي فيفعله ولو جلس. واقتصر عليه البرموني؛ والزرقاني. ولابن هارون أنه يفعله ما لم يجلس لقضاء الحاجة، واقتصر عليه الحطاب وبعض الشراح. قاله الشيخ إبراهيم. وإنما يقول الذكر القبلي إذا فات؛ بأن دخل موضع قضاء الحاجة إن لم يعد أي حيث لم يكن الموضع معدا لقضاء الحاجة كالكنيف، ومفهوم المصنف أنه إذا كان الموضع معدا لقضاء الحاجة لم يقله إن فات؛ أي دخل بجميع بدنه، أي يكره، وكذا برجل واحدة وإن لم يعتمد عليها فيما يظهر، وأمر بالاستعاذة في البناء المعد لقضاء الحاجة؛ لأنه منزل الشياطين، وفي الصحراء، لأنه يصير مأوى لهم بخروج الخارج. قاله الشيخ أحمد. نقله الشيخ عبد الباقي. وقيل إنه يقول الذكر القبلي بعد وصوله لموضع الخلاء، وإن كان معدا لقضاء الحاجة. حكاه ابن الحاجب فإنه قال:


(١) الترمذي، رقم الحديث: ٦٠٦.
(٢) الموطأ، كتاب الاستيذان، رقم الحديث: ١٨٣١.