للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي جوازه في المعد قولان، كالاستنجاء بالخاتم فيه ذكر. انتهى شبه الخلاف بمسألة الخاتم. والمعروف في الخاتم المنع، والرواية بالجواز منكرة، والمنع في الخاتم أقوى من الذكر لمماسة النجاسة له؛ قاله الإمام الحطاب. وفهم من كلام المصنف أنه يقول الذكر القبلي قبل وصوله إلى محل الحدث سواء كان معدا أم لا، وصرح بذلك في الجواهر، فقال: ويقدم الذكر قبل وصوله إلى محل الحدث. قاله الإمام الحطاب. انتهى

وسكوت يعني أنه يندب للمحدث في حال قضاء الحاجة ومتعلقها من استنجاء واستجمار ترك الكلام بالكلية ذكرا كان أو غيره، فإن الكلام في الخلاء يورث الصمم إلا من ضرورة، فلا يرد سلاما؛ ولا يجيب مؤذنا، ولا يشمت عاطسا، ولا يحمد إن عطس خلافا لما في المواق، وكذا الواطئ؛ ولا يردان السلام بعد الفراغ ولو بقي المسلم، بخلاف المؤذن والملبي فيردان بعد الفراغ. وجوبا فيما يظهر، وإن لم يبق المسلم قاله الشيخ عبد الباقي. وفي الترمذي (أنه صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل وهو يبول؛ وسلم عليه فلم يرد عليه (١))؛ لأن ذلك المحل مما يطلب ستره وإخفاؤه؛ والكلام فيه يقتضي ضد ذلك، (وورد النهي عن الحديث على الغائط (٢)) إلا لمهم يعني أن محل ندب السكوت لقاضي الحاجة حيث لم يَنُبهُ أمر مهم، وأما إن نابه أمر مهم فلا يندب له السكوت، بل يجوز له التكلم كتعوذ لارتياع، أو يندب كطلب مزيل، أو يجب كخوف تلف نفس أو مال له بال.

ولما تكلم على الآداب المشتركة بين الفضاء والكنيف، ذكر الآداب المختصة بالفضاء فقال: وبالقضاء تستر يعني أنه يستحب لمن أراد قضاء الحاجة في الفضاء -زيادة على ما مر- أن يستتر أي يختفي عن الناس بجثته بتمامها بأن يستتر بكشجرة أو جدار أو كثيب أو مكان منخفض وليس المراد به خرقة يجعلها على رأسه لا تواري جثته، لأن الفضاء كاشف. وروى أبو داوود وصححه ابن حبان أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من أتى الغائط فليستتر، وإن لم يجد


(١) عن ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه. مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، رقم الحديث: ٣٧٠. - الترمذي، أبواب الطهارة، رقم الحديث: ٩٥.
(٢) أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١٥.