للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستتر به، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم (١) وقوله: "وبالفضاء" معطوف على مقدر عام؛ أي ندب لقاضي الحاجة كذا وكذا بكل مكان، وندب له مع ذلك بالفضاء تستر قاله الشبراخيتي. وأمر صلى الله عليه وسلم بالسترة ليلا يقع عليه بصر أو تهبَّ عليه ريح فتصيبه نجاسة، وكذا كل من لعب به الشيطان وقصده بالأذى. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: يلعب بمقاعد بني آدم أنه يحضرها ويرصدها بالأذى.

وبعد يعني أنه يستحب للمتخلي أن يبعد عن الناس في الغائط بحيث لا يرى له شخص، ولا يسمع له صوت، ولا تشم له رائحة، وفي البول بحيث يستتر، ويامن سماع الصوت. قال عياض: من آداب الأحداث إبعاد الذاهب إلى الغائط في الصحراء، وحيث تتعدد الجدران بحيث لا يرى له شخص، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له ريح. القباب: وللبول بحيث يستتر ويأمن سماع الصوت. نقله الشيخ ميارة. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا أراد الغائط أبعد (٢))، وفي حديث أبي داوود والترمذي (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز أبعد حتى لا يراه أحد (٣) البراز بفتح الباء: الفضاء الواسع، كنَّوا به عن موضع قضاء الحاجة كما كنوا عنه بالخلاء. انظر الشبراخيتي. وفي التيسير: البراز بفتح الباء موضع قضاء الحاجة، وإنما لم يكتف المصنف بالتستر عن البعد، لأنه قد يستتر بشيء، ولا يكون بعيدا بحيث يسمع ما يخرج منه، فيندب له البعد بحيث لا يسمع له صوت؛ ولا تشم له رائحة، وأما ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان بمكة إذا أراد قضاء الحاجة ذهب نحو الميلين) فمحمول على قصد تعظيم الحرم لا للتستر. قاله غير واحد. وقوله: "وبعد" قال الشيخ عبد الباقي، وبعد عن الناس حتى لا يسمع ما يخرج منه على الوجه الغالب مما يخرج من الناس، وبعد جدا فيمن يظن خروج شيء منه بصوت قوي زائد عن عادة الناس؛ كذا يظهر. انتهى.


(١) أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣٥. وابن حبان، رقم الحديث: ١٤٠٧. وعندهما طرف من حديث.
(٢) كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣٣٣.
- الترمذي، أبواب الطهارة، رقم الحديث: ٢٠.
(٣) كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد: أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢.